وإن كان شيئا يتشرب فيه شئ كثير ينظر:
إن كان مما يمكن عصره، كالثوب ونحوه، فإن طهارته بالغسل ثلاثا والعصر في كل مرة، لان المتشرب فيه كثير، فلا يخرج إلا بالعصر، فلا يتم الغسل بدونه.
وإن كان مما لا يمكن عصره، كالحصير المتخذ من البردي ونحوه فإن علم أنه لم يتشرب فيه، بل أصاب ظاهره: فإنه يطهر بالغسل ثلاث مرات، من غير عصر.
فأما إذا علم أنه تشرب فيه: فقال أبو يوسف: ينقع في الماء ثلاث مرات، ويجفف في كل مرة، ويقوم التجفيف ثلاثا مقام العصر ثلاثا، ويحكم بطهارته.
وقال محمد: لا يطهر أبدا.
وعلى هذا الأصل مسائل على الخلاف الذي ذكرنا، مثل الخزف والحديد إذا تشرب فيه النجس الكثير، والسكين إذا موه بالماء النجس، والجلد إذا دبغ بالدهن النجس، واللحم إذا طبخ بالماء النجس، ونحوها.
وأما الأرض إذا أصابتها نجاسة رطبة: فإن كانت الأرض رخوة، فإنه يصب عليها الماء حتى يتسفل فيها. فإذا تسفل ولم يبق على وجهها شئ من الماء يحكم بطهارتها، ولا يعتبر فيه العدد، وإنما هو على ما يقع في غالب ظنه أنها طهرت. والتسفل في الأرض بمنزلة العصر فيما يحتمله.
وعلى قياس ظاهر الرواية: ينبغي أن يصب الماء عليها ثلاث مرات، ويتسفل في كل مرة.
وإن كانت الأرض صلبة، فإن كانت صعودا، فإنه يحفر في أسفلها حفيرة ويصب الماء عليها، ويزال عنها إلى الحفيرة، ويكنس الحفيرة.