ودخول المسجد ومس المصحف وقراءة القرآن ونحوها: فإن كان محدثا، يصير الماء مستعملا بلا خلاف، لوجود زوال الحدث وحصول القربة جميعا، وإن لم يكن محدثا فعلى قول علماؤنا الثلاثة يصير مستعملا، لأنه وجد إقامة القربة. وعلى قول زفر والشافعي: لا يصير مستعملا، لأنه لم يوجد إزالة الحدث.
وعلى هذا الأصل يخرج: من دخل في البئر لطلب الدلو أو للغسل، وهو جنب أو طاهر، على ما عرف في كتاب الشرحين والمبسوط.
وأما حكم غسلة النجاسة الحقيقية فنقول:
إذا وقعت في الماء، أو أصابت الثوب أو البدن، ففي حق منع جواز الصلاة والوضوء، المياه الثلاث على السواء، لان الكل نجس.
فأما في حق تطهير المحل الذي أصابته النجاسة، فالمياه يختلف حكمها حتى قال بعض مشايخنا: إن الماء الأول وإذا أصاب شيئا يطهر بالغسل مرتين، والثاني بالغسل مرة. والثالث يطهر بالعصر لا غير.
والصحيح أن الأول يطهر بالغسل ثلاثا والثاني بالغسل مرتين، والثالث بالغسل مرة، ويكون حكم كل ما في الثوب الثاني مثل حكمه في الثوب الأول. وهل يجوز الانتفاع بالغسالة في غير الشرب والتطهير؟
ينظر: إن تغير طعمها أو لونها أو ريحها، فإنه يحرم الانتفاع بها أصلا، ويصير نظير البول، لكون النجس غالبا، وإن لم يتغير وصف الماء، يجوز الانتفاع به في غير الشرب والتطهير نحو أن يبل به الطين، أو يسقى الدواب ونحو ذلك.
وعلى هذا الفأرة إذا وقعت في العصير والدهن والخل وماتت فيه