قال: ولهذا بالاجماع إن من قال: لله عليه أن أصوم اليوم الذي يقدم فلان فيه. فقدم فلان في اليوم بعدما أكل فيه، لا يجب عليه الامساك، لما أنه لا يجب عليه الصوم فيه. والمعنى الجامع أن الامساك بمنزلة الخلف عن الصوم، في حق قضاء حرمة الوقت، فإن لم يكن الأصل واجبا، لا يجب الخلف.
وقلنا: يجب، لان الامساك إنما يجب تشبها بالصائمين، قضاء لحق الوقت، بقدر الامكان، لا خلفا، ألا ترى أنه يجب القضاء خارج رمضان، على الفطر الذي وجب عليه الصوم، خلفا عن الصوم الواجب، فكيف يكون الامساك خلفا عنه؟
وفي هذا المعنى يستوي الحال، بين الوجوب وعدم الوجوب، بخلاف مسألة النذر، لان ثمة الصوم ما وجب بإيجاب الله تعالى، حتى يجب الامساك قضاء لحق الوقت، بل يجب بالنذر، فهو الفرق بينه وبين سائر الفصول بخلاف الطاهرة إذا حاضت أو نفست في حالة الصوم، حيث لا تمسك لأنها ليست بأهل للصوم، والتشبه بأهل العبادة لا يصح من غير الأهل، كحقيقة العبادة، بخلاف هذا الفصول. والله أعلم.
وأما بيان سنن الصوم وآدابه، وما يكره فيه وما لا يكره فنقول:
إنما التسحر سنة في حق الصائم، على ما روي عن عمرو بن العاص عن النبي عليه السلام أنه قال: إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر.
ثم ينظر: إن كان شاكا في طلوع الفجر: إنه طلع أم لا، ينبغي أن يدع التسحر، لأنه ربما طلع الفجر، فيفسد صومه.
فأما إذا كان متيقنا أن الفجر لم يطلع، فالمستحب أن يتسحر.
وإن كان أكثر رأيه أن الفجر لم يطلع، ينبغي أن يدع الاكل أيضا،