وأما حكم الشهداء - فنقول:
الشهيد يخالف حكمه حكم سائر الموتى في حق التكفين والغسل:
أما التكفين، فينبغي أن يكفن في ثيابه التي قتل فيها. وإن أحبوا أن يزيدوا عليه شيئا حتى يبلغ مبلغ السنة، وأن ينقصوا عنه شيئا، فلا بأس به.
وينزع عنه السلام، والفرو، والجلود، وما لا يصلح للكفن.
ولا يكفن، ابتداء في ثياب أخر، بدون ثيابه.
وأصله ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: زملوهم بكلومهم ودمائهم، فإنهم يبعثون يوم القيامة وكلومهم تشخب دما: اللون لون الدم، والريح ريح المسك.
وأما حكم الغسل - فنقول: الشهيد نوعان: نوع يغسل، ونوع لا يغسل.
أما الذي لا يغسل، فهو الذي في معنى شهداء أحد، فيلحق بهم في حق سقوط الغسل، بالحديث الذي رويناه، وإلا فيبقى، على الأصل المعهود، وهو أن الغسل سنة للموتى. وحقيقة شهداء أحد أنهم قتلوا ظلما، ولم يرتثوا ولم يؤخذ عن دمائهم عوض دنياوي. فمتى وجد في غيرهم هذه المعاني، سقط الغسل عنهم أيضا فنقول:
إن من قتل في المعركة أو غيرها، وهو يقاتل عدوا مع الكفار المحاربين، أو قطاع الطريق، أو البغاة، أو قتل بسبب دفع القتل عن نفسه أو عن أهله أو عن المسلمين أو أهل الذمة، فإنه يكون شهيدا، لان هؤلاء في معنى شهداء أحد، لوجود القتل ظلما، ولا يوجد في قتلهم عوض دنياوي.