أما وجوب القضاء فيتعلق بمطلق الافساد، سواء كان بعذر أو بغير عذر، وجد الافساد من حيث الصورة، أو من حيث المعنى، فيه شبهة الإباحة أو حرام من كل وجه، وذلك بوصول شئ من الخارج إلى الجوف.
بيانه:
أن من أكل حصاة أو نواة أو ترابا يفسد صومه، وعليه القضاء، لوجود الاكل صورة، لا من حيث المعنى، فإنه لم يحصل به قوام البدن ودفع الجوع والعطش.
وكذلك لو طعن، برمح ووقع الرمح فيه، يفسد صومه لدخول شئ من الخارج إلى الجوف، فوجد الاكل صورة ولا معنى.
فأما إذا طعن برمح ثم أخرجه من ساعته، لا يفسد صومه، لأنه لم يستقر في محل الطعام.
ولهذا قالوا: إن من ابتلع لحما مربوطا على خيط، ثم انتزع من ساعته، لا يفسد صومه، لأنه لم يستقر في محله، حتى يعمل عمله في دفع الجوع.
ولو وصل إلى جوف الرأس بالأقطار في الاذن أو السعوط، أو إلى البطن بالاحتقان يفسد صومه، لأنه يصل إلى جوفه بالحقنة، وكذا بالسعوط والأقطار في الاذن، لان جوف الرأس له منفذ إلى البطن.
وأما في الأقطار من الإحليل: فلا يفسد الصوم عند أبي حنيفة، وعندهما يفسد، وهذا ليس بخلاف من حيث الحقيقة، لأنه لو وصل إلى الجوف يفسد بالاجماع، ولو لم يصل لا يفسد بالاجماع، إلا أنهما أخذا بالظاهر: فإن البول يخرج منه فيكون له منفذ، وأبو حنيفة يقول: ليس له منفذ، وإنما البول يترشح منه كما يترشح الماء من الكوز الجديد والبول