وإن الناس، وإن كانوا من فتاوى مالك في رد وتسليم، وتنكيت وتقديم، ما صفى لهم الشرب، ولا تأتي لهم المذهب، إلا بما سعى في ترتيبه، واجتهد في تهذيبه.
وقال الشافعي لذلك: ليس أحد أمن علي في دين الله من مالك.
وعلم أيضا أن الكتب المصنفة في السنن كصحيح مسلم وسنن أبي داود، وما يتعلق بالفقه من صحيح البخاري وجامع الترمذي - مستخرجات على الموطأ. تحوم حومه، وتروم رومه. مطمح نظرهم منها وصل ما أرسله.
ورفع ما أوقفه. واستدراك ما فاته. وذكر المتابعات والشواهد لما أسنده. وإحاطة جوانب الكلام بذكر ما روى خلافه.
وبالجملة، فلا يمكن تحقيق الحق في هذا ولا ذاك، إلا بالإكباب. على هذا الكتاب.
اه كلام الدهلوي بلفظه.
وفيه بعد هذا، إن مسند الدارمي إنها صنف لاسناد أحاديث الموطأ. وفيه كفاية لمن اكتفى. اه. وهو كلام في غاية الانصاف. فلله در من لقبه بولي الله. ولم أقل هذا تعصبا لكتاب مالك، ولله الحمد. بل لاطلاعي على الحقيقة، وتتبعي لرواياته، والوقوف على أعيان أحاديثه بأسانيدها في الكتب الستة ء وغيرها في كتب الأحاديث، الموجودة بأيدي الناس، الآن.
ومما هو ضروري عند المحدثين، أن مشايخ أصحاب الكتب الستة ومن عاصرهم، كالإمام أحمد في مسنده، أغلبهم تلامذة الامام مالك، الذين رووا عنه الموطأ بروايات عديدة، قل أن تخلو واحدة منها عن زيادة تنفرد بها.
ولم يتركوا شيئا من أحاديث الموطأ، بل أخرجوها في مصنفاتهم، ووصلوا كثيرا من مرسلاته ومنقطعاته وموقوفاته. وبذلك يتضح ما نقلته هنا عن ولى الله الدهلوي.
لكن في قوله (وما يتعلق بالفقه من صحيح البخاري) نظر. لان البخاري أخرج في صحيحه كثيرا عن مالك، مما يتعلق بغير الفقه، كالأحاديث في العقائد والسمعيات والاشراط، وشبه ذلك.
فالصواب، الاطلاق في صحيحه، كما فعله في صحيح مسلم.
اه. ما ذكره الامام الشنقيطي في كتابه (دليل السالك، إلى موطأ الامام مالك) نسخ الموطأ أما نسخ الموطأ فعدتها أربع عشرة نسخة.
ذكرها الامام عبد الحي اللكنوي، في مقدمة كتابه (التعليق الممجد. على موطأ محمد) وذكرها الامام الشنقيطي في كتابه (دليل السالك إلى موطأ الامام مالك).
وها أنا ذاكر أسماء أصحاب تلك النسخ، وشيئا من تاريخهم. كما سرده هذان الامامان الجليلان.