والشافعي هذا، هو الذي قال فيه الإمام أحمد بن حنبل:
كنت سمعت الموطأ من بضعة عشر رجلا من حفاظ أصحاب مالك. فأعدته على الشافعي لأني وجدته أقومهم.
ولأمر ما، قال الامام البخاري، وهو من هو: أصح الأسانيد، مالك عن نافع عن ابن عمر.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي، في شرح الترمذي:
الموطأ هو الأصل الأول واللباب. وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب. وعليهما بنى الجميع، كمسلم والترمذي.
وأول من صنف في الحديث ورتبه على الأبواب:
مالك، بالمدينة. وابن جريج، بمكة. والربيع بن صبيح، أو سعيد بن أبي عروبة، أو حماد بن سلمة، بالبصرة.
وسفيان الثوري، بالكوفة. والأوزاعي، بالشام. وهشيم، بواسط. ومعمر، باليمن. وجرير بن عبد الحميد، بالري. وابن المبارك، بخراسان.
وقال الحافظان، ابن حجر والعراقي:
كان هؤلاء في عصر واحد. فلا يدرى أيهم سبق. وذلك في سنة بضع وأربعين ومائة.
وقد صنف الامام مالك الموطأ، وتوخى فيه القوى من أحاديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقد وضع مالك الموطأ على نحو عشرة آلاف حديث. فلم يزل ينظر فيه، في كل سنة، ويسقط منه. حتى بقي هذا.
وقد أخرج ابن عبد البر، عن عمر بن عبد الواحد، صاحب الأوزاعي، قال: عرضنا على مالك الموطأ، في أربعين يوما. فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة، أخذتموه في أربعين يوما! ما أقل ما تفقهون فيه!
وقال مالك: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة، فكلهم واطأني عليه، فسميته (الموطأ) وقال الجلال السيوطي: وما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد.
فالصواب أن الموطأ صحيح كله، لا يستثنى منه شئ اه.
وقد صنف ابن عبد البر كتابا في وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضل. قال: ما فيه من قوله (بلغني) ومن قوله (عن الثقة) عنده، مما لم يسنده، أحد وستون حديثا.
كلها مسندة عن غير طريق مالك، إلا أربعة لا تعرف.
أحدها: إني لا أنسى ولكن أنسى لأسن. (أخرجه في: 4 - كتاب السهو، حديث 2).
والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.
(أخرجه في: 19 - كتاب الاعتكاف، حديث 15).