والذي اشتهر من نسخ الموطأ، مما رويته، أو وقفت عليه، أو كان في روايات شيوخنا، أو نقل منه أصحاب اختلاف الموطآت، نحو عشرين نسخة. وذكر بعضهم أنها ثلاثون نسخة.
وقد رأيت الموطأ رواية محمد بن حميد بن عبد الرحيم بن شروس الصنعاني عن مالك، وهو غريب، ولم يقع لأصحاب اختلاف الموطآت. فلهذا لم يذكروا عنه شيئا.
هذا كله كلام القاضي عياض.
وقال الجلال السيوطي: وقد ذكر الخطيب، ممن روى الموطأ عن مالك، إسحاق بن موسى الموصلي، مولى بنى مخزوم.
وقال بعض الفضلاء:
اختار أحمد بن حنبل في مسنده رواية: عبد الرحمن بن مهدي.
والبخاري رواية عبد الله بو يوسف التنيسي.
ومسلم رواية يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري (1).
وأبو داود رواية: القعنبي.
والنسائي رواية: قتيبة بن سعيد.
قال الامام الزرقاني: هذا كله أغلبي، وإلا فقد روى كل ممن ذكر، عن غير من عينه.
وقد عقب على ذلك المرحوم الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي بقوله:
ومن هنا يعلم، بالضرورة، أن أصحاب كتب الحديث المعتبرة، كلهم عالة على مالك وأصحابه. وهو شيخ الجميع.
لان مدار الحديث اليوم على الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد. وقد رأيت تعويل الجميع على روايات الموطأ والسماع من أصحابه.
وقد قال الشيخ ولى الدين الدهلوي وطنا، العمرى نسبا: كتاب الموطأ أصح الكتب وأشهرها، وأقدمها وأجمعها. وقد اتفق السواد الأعظم من الملة المرحومة على العمل به، والاجتهاد في روايته ودرايته، والاعتناء بشرح مشكلاته ومعضلاته، والاهتمام باستنباط معانيه وتشييد مبانيه. ومن تتبع مذاهبهم، ورزق الانصاف من نفسه، علم، لا محالة، أن الموطأ عدة مذهب مالك وأساسه. وعمدة مذهب الشافعي وأحمد ورأسه. ومصباح مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ونبراسه.
وهذه المذاهب بالنسبة للموطأ كالشروح للمتون، وهو منها بمنزلة الدوحة من الغصون.