والثالث: أن معاذ بن جبل قال: آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين وضعت رجلي في الغرز، أن قال (أحسن خلقك للناس. يا معاذ بن جبل) (أخرجه في: 47 - كتاب حسن الخلق، حديث 1).
والرابع: إذا أنشأت بحرية، ثم تشاءمت فتلك عين غديقة (أخرجه في: 13 - كتاب الاستسقاء، حديث 5).
وهنا نقف، لننقل كلمة خاتمة المحدثين المحققين، المرحوم الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي من كتابه (دليل السالك، إلى موطأ الامام مالك) ص 14 عند قوله:
وقد رأيت بعض متقني السنن * من حاز في كل العلوم خير فن عزا إلى نجل الصلاح أن وصل * أربعة الاخبار. فالكل اتصل قولي (بعض متقني السنن الخ) هو الشيخ صالح الفلاني شهرة، العمرى نسبة، المدني مهاجرا. في حواشيه على شرح زكريا الأنصاري على ألفية العراقي، عند قوله (ولا يرد موطأ مالك الخ) فقد قال، بعد أن تعقب كلام الحافظ العراقي، وتسليم الحافظ ابن حجر له، بكلام متين، ما نص المراد منه: وما ذكره العراقي من أن من بلاغاته ما لا يعرف، مردود بأن ابن عبد البر ذكر أن جميع بلاغاته ومراسيله ومنقطعاته، كلها موصولة بطرق صحاح إلا أربعة أحاديث.
وقد وصل ابن الصلاح الأربعة في تأليف مستقل، وهو عندي، وعليه خطه.
فظهر بهذا أنه لا فرق بين الموطأ والبخاري. وصح أن مالكا أول من صنف في الصحيح، كما ذكره ابن عبد البر، وابن العربي القاضي، والسيوطي، ومغلطاي، وابن ليون، وغيرهم. فافهم اه. منها بلفظه، منقولا من نسخة بخط صاحب الحواشي الشيخ صالح الفلاني المحدث الشهير المذكور.
ثم عقب على ذلك فقال:
والعجب من ابن الصلاح، رحمه الله. كيف يطلع على اتصال جميع أحاديث الموطأ، حتى أنه وصل الأربعة التي اعترف ابن عبد البر بعدم الوقوف على طرق اتصالها. ومع هذا، لم يزل مقدما للصحيحين عليه، في الصحة.
مع أن الموطأ هو أصلهما. وقد انتهجا منهجه في سائر صنيعه، وأخرجا أحاديثه من طريقه.
وغاية أمرهما أن ما فيهما من الأحاديث أزيد مما فيه.
عرضت هذا على صديقي القاضي الفاضل الأستاذ أحمد محمد شاكر فأملى علي ما يأتي:
. ولكنه لم يذكر الأسانيد التي قال الفلاني إن ابن الصلاح وصل بها هذه الأحاديث. فلا يستطيع أهل العلم بالحديث أن يحكموا باتصالها، إلا إذا وجدت الأسانيد، وفحصت. حتى يتبين إن كانت متصلة أو لا.
وصحيحة أو لا.