كالغاصب وإن أخذ المصدق أكثر من الفرض بغير تأويل لم يرجع بالزيادة لأنه ظلمه فلا يرجع به على غير الظالم وإن أخذ أكثر من الحق بتأويل بان أخذ الكبيرة من السخال على قول مالك فإنه يرجع عليه بنصف ما أخذ منه لأنه سلطان فلا ينقض عليه ما فعله باجتهاده وإن أخذ منه قيمة الفرض ففيه وجهان (من) أصحابنا من قال لا يرجع عليه بشئ لان القيمة لا تجزئ في الزكاة بخلاف الكبيرة فإنها تجزئ عن الصغار ولهذا لو تطوع بالكبيرة قبلت منه (والثاني) يرجع وهو الصحيح لأنه أخذه باجتهاده فأشبه إذا أخذ الكبيرة عن السخال} * {الشرح} قال أصحابنا أخذ الزكاة من مال الخليطين قد يقتضى التراجع بينهما فيرجع كل واحد على صاحبه وقد يقتضي رجوع أحدهما على صاحبه دون الآخر ثم الرجوع والتراجع يكثر ان في خلطة الجوار وقد يتفقان في خلطة الشيوع كما سنوضحه إن شاء الله تعالى (فأما) خلطة الجوار فتارة يمكن الساعي أن يأخذ من نصيب كل واحد منهما ما يخصه وتارة لا يمكنه فإن لم يمكنه فله أن يأخذ فرض الجميع من نصيب أيهما شاء وإن لم يجد السن المفروض إلا في نصيب أحدهما أخذه (مثاله) أربعون شاة لكل واحد عشرون يأخذ الشاة من أيهما شاء ولو وجبت بنت لبون فلم يجدها إلا في أحدهما أخذها منه وإن وجدها في كل منهما أخذها من أيهما شاء وإن كانت ماشية أحدهما مراضا أو معيبة أخذ الفرض من الآخر وهذا كله لا خلاف فيه (أما) إذا أمكنه أخذ الفرض الذي على كل واحد من ماله ففيه وجهان (أحدهما) ونقله المصنف والأصحاب عن أبي إسحاق يلزمه أن يأخذ من مال كل واحد ما يخصه ولا يجوز غير ذلك ليغنيهما عن التراجع (وأصحهما) وبه قال ابن أبي هريرة وجمهور أصحابنا المتقدمين وصححه المصنف يأخذ من جنب المال ما اتفق ولا حجر عليه وله تعمد الاخذ من نصيب أحدهما مع تمكنه من أخذ حصة كل واحد من ماله وسواء الاخذ ممن له أقل الجملة أو أكثرها بل لو اخذ كما قال أبو إسحاق ثبت التراجع أيضا هكذا قاله الرافعي وسيأتي من كلام الشافعي ما يخالفه عند النقل عن صاحب جمع الجوامع كما سنوضحه إن شاء الله تعالى لان المالين كمال واحد (مثال الامكان) لكل واحد من الخليطين أو الخلطاء مائة شاة أمكن اخذ شاة من مال كل واحد وكذا لو كان لأحدهما أربعون بقرة وللآخر ثلاثون وأمكن أخذ مسنة من الأول وتبيع من الثاني (أما كيفية الرجوع (فإذا) خلط عشرين من الغنم بعشرين فأخذ الساعي شاة من نصيب أحدهما رجع على صاحبه بنصف قيمتها لا بنصف شاة لأنها ليست مثلية ولا يقال أيضا يرجع بقيمة نصف الشاة لان نصف القيمة أكثر من قيمة النصف فان الشاة قد تكون جملتها تساوى عشرين ولا يرغب أحد في نصفها بأكثر من ثمانية لضرر البعض فنصف القيمة عشرة وقيمة النصف
(٤٤٧)