بان هذه الغسلة تحسب بلا خلاف وان خلاف أبى اسحق إنما هو في الغسلة الأولى بالماء والسدر قال القاضي حسين والبغوي الغسل بالماء مع السدر أو الخطمي لا يحتسب من الثلاث قالا وكذا الذي يزال به السدر وإنما المحسوب ما يصب عليه من الماء القراح فيغسله بعد زوال السدر ثلاثا قال البغوي وإذا لم يتغير الماء بالسدر حسب من الثلاث قال ولو كان على بدنه نجاسة غسله بعد زوالها ثلاثا واختصر الرافعي كلام الأصحاب في المسألة فقال هل يسقط الفرض بالغسلة التي فيها سدر فيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبى اسحق يسقط لان المقصود من غسل الميت التنظيف فالاستعانة بما يزيد في النظافة لا يقدح (وأصحهما) لا يسقط لان التغير به فاحش فسلب الطهورية فعلى هذا في الاحتساب بالغسلة التي بعد هذه وجهان (أصحهما) عند الرواياني تحسب لأنه غسله بما لم يخالطه شئ (وأصحهما) عند الجمهور وبه قطع البغوي لا تحسب لأن الماء إذا أصاب المحل اختلط بالسدر وتغير به فعلى هذا المحسوب ما يصب من الماء القراح هذا كلام الرافعي فحاصل المسألة ثلاثة أوجه (الصحيح) ان غسلة السدر والغسلة التي بعدها لا يحسبان من الثلاث (والثاني) يحسبان (والثالث) تحسب الثانية دون الأولى هذا حكم المسألة (وأما) عبارة المصنف ففيها نوع أشكال لأنه قال وهل يحسب الغسل بالسدر من الثلاث فيه وجهان (قال) أبو إسحاق يعتد به لأنه غسل بما لم يخالطه شئ ومن أصحابنا من قال لا يعتد به لأنه ربما غلب عليه السدر فعلى هذا يغسل ثلاث مرات أخر بالماء القراح والواجب منها مرة هذا لفظ المصنف ووجه الاشكال أنه قال لأنه غسل بما لم يخالطه شئ وهذا نوع تناقض لصورة المسألة وجوابه ان مراده ان الغسلة التي بعد السدر هل تحسب فيه الوجهان (أحدهما) تحسب لأن الماء المصبوب قراح ولا أثر لما يصيبه حال تردده على البدن (والثاني) لا يحسب لأنه قد يكثر السدر بحيث يغيره وهو مستغن عن هذا المغير والله أعلم وإذا قلنا لا تحسب غسله بعدها ثلاثا والواجب مرة واحدة والثانية والثالثة سنة كما قلنا في الوضوء والغسل ولا خلاف هنا في استحباب الثانية والثالثة نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وغيرهم وفى غسل الجنابة وجه انه لا تستحب الثانية والثالثة وقد سبق ذكره في باب غسل الجنابة عن صاحب الحاوي ووافق صاحب الحاوي هنا على استحباب الثلاث لأنه خاتمة امر الميت مع قوله صلى الله عليه وسلم " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر " والله أعلم قال أصحابنا ويستحب ان يجعل في كل مرة من الغسلات كافورا في الماء القراح وهو في الغسلة الأخيرة آكد للحديث السابق ولأنه يقوى البدن وليكن قليلا لا يتفاحش التغير به فإن كان صلبا وتفاحش التغير به ففيه قولان سبقا في أول كتاب الطهارة (أصحهما) لا يؤثر في طهوريته في غير الميت (وأما)
(١٧٤)