جعلت آمال عبادي عندي محفوظة، فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي، وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا، بقولي ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني، فما لي أراه لاهيا عني أعطيته بجودي ما لم يسألني، ثم انتزعته منه فلم يسألني رده وسأل غيري، أفتراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة؟ ثم أسأل فلا أجيب سائلي أبخيل أنا فيبخلني عندي أوليس الجود والكرم لي، أوليس العفو والرحمة بيدي؟ أوليس أنا محل الآمال؟ فمن يقطعها دوني؟ أفلا يستحي المؤملون أن يؤملوا غيري؟ فلو أن أهل سماواتي وأهل أرضي أملوا جميعا، ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه، فيا بؤسا للقانطين من رحمتي، ويا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني، انتهى الحديث الشريف وانتهى كلام شيخنا الشهيد رحمه الله.
قال في الحدائق ويدل على ذلك بأصرح دلالة ما رواه في الكافي بإسناده إلى أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: أيها الناس إن كمال الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه لكم، وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه، الخبر.
قال: ويؤكده ما رواه في الكافي بسنده عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الله عز وجل وعزتي وجلالي وكبر يائي ونوري.
وعظمتي وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والأرضين رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر فتأتيه الدنيا وهي زاعمة. الحديث. انتهى كلامه وأنت خبير بأن ما ذكره من كلام الشهيد رحمه الله وما ذكره من الحديث القدسي لا ارتباط له بما ذكر من دفع التنافي بين أدلة الطرفين لأن ما ذكر من التوكل على الله وعدم ربط القلب لغيره لا ينافي الاشتغال بالاكتساب، ولذا كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وعلى أخيه وزوجته وولديه وذريته) جامعا بين أعلى مراتب التوكل، وأشد مشاق الاكتساب:
وهو الاستقاء لحائط اليهودي، وليس الشهيد أيضا في مقام أن طلب