شهادتهم فبينه عندي، فإن سأل الإنظار أنظره ثلاثة أيام، فإن لم يأت بجارح حكم عليه بعد سؤال المدعي.
وإن ارتاب بالشهادة فرقهم وسأل كل واحد عن جزئيات القضية فيقول: في أي وقت شهدت وفي أي مكان وهل كنت وحدك وهل كنت أول من شهد؟ فإن اختلفت أقوالهم أبطلها وإلا حكم وكذا يبطلها لو لم توافق الدعوى، وإن اتفقت فلو ادعى على زيد قبض مائة دينار نقدا منه فأنكر فشهد واحد بقبض المال لكن بعضه نقد وبعضه جنس منه وشهد الآخر بقبضه نقدا لكن من وكيله سقطت البينة، ولو قال المدعي: لي بينة وأريد إحلافه ثم أحضر البينة لإثبات حقي، لم يكن له ذلك. ولو رضي باليمين وإسقاط بينته جاز، ولو أقام شاهدا واحدا وحلف ثبت حقه، وإن نكل لم يثبت حقه في هذا المجلس.
وإذا أقام المدعي عدلين لم يستحلف مع البينة إلا أن يكون الشهادة على ميت فيستحلف على بقاء الحق في ذمته استظهارا، أما لو أقام بينة بعارية عين أو غصبها كان له انتزاعها من غير يمين، ولو كانت الشهادة على صبي أو على مجنون أو غائب فالأقرب ضم اليمين ويدفع الحاكم من مال الغائب بعد التكفيل، ولو أوصي له حال الموت ففي وجوب اليمين مع البينة حينئذ إشكال، ولو أقام شاهدا واحدا حلف يمينا واحدة.
ولو قال المدعي: لي بينة غائبة، خيره الحاكم بين الصبر وإحلاف الغريم وليس له ملازمته ولا مطالبته بكفيل، وكذا لو أقام شاهدا واحدا وإن كان عدلا، وقيل: له حبسه أو المطالبة بكفيل لقدرته على إثبات حقه باليمين فيحبس إلى أن يشهد آخر وليس بجيد.
ويكره للحاكم أن يعنت الشهود بأن يفرق بينهم إذا كانوا من أهل البصيرة والورع ويستحب في موضع الريبة، ولا يجوز للحاكم أن يتعتع الشاهد وهو أن يداخله في الشهادة أو يتعقبه بل يكف عنه إلى أن يذكر ما عنده، وإن تردد فلا يرغبه في الإقامة لو توقف ولا يزهده ولا يوقف عزم الغريم عن الإقرار إلا في حقه تعالى.