غير محصل لأن الولد - وإن كان مخلوقا من نطفة أبيه - ليس ببعض له على الحقيقة بل لكل واحد منهما حكم يخالف حكم صاحبه. وكذلك يسترق الولد برق أمه وإن كان الأب حرا على بعض الوجوه، ويحرر بحرية الأم وإن كان الأب عبدا كذلك، ولم يسر حكم كل واحد منهما إلى صاحبه هنا، وكذلك تقبل شهادة العبيد لساداتهم إذا كان العبيد عدولا [وتقبل أيضا على غيرهم ولهم، ولا تقبل على ساداتهم وإن كان العبيد عدولا] ودليلنا عليه إجماع الفرقة، ويمكن أن يستدل من القرآن على ذلك أيضا. ولو كنا ممن يثبت الأحكام بالأقيسة لكان لنا أن نقول: إذا كان العبد العدل بلا خلاف تقبل شهادته على رسوله وعلى آله - في روايته عنه وعنهم - فلأن تقبل شهادته على غيره أولى.
على أن العبيد العدول داخلون في عموم الآية ويحتاج في إخراجهم منها إلى دليل.
ولا يعترض على هذا بالنساء لأنهن غير داخلات في الظواهر التي ذكرناها، مثل قوله تعالى: ذوي عدل منكم، وقوله تعالى: شهيدين من رجالكم، فأخرجن النساء من هذه الظواهر لأنهن ما دخلن فيها.
وكذلك شهادة الأعمى مقبولة إذا كان عدلا لأن الأعمى داخل في ظواهر الآيات ولا يمنع عماه من كونها متناولة له، ومعول من خالفنا في هذه المسألة على أن الأعمى تشتبه عليه الأصوات، وهذا غلط فاحش لأن الضرير يعرف زوجته ووالديه وأولاده ضرورة ولا يدخل عليه شك في ذلك كله، ولو كان لا سبيل له إلى ذلك لم يحل له وطء امرأته لتجويزه أن تكون غير من عقد عليها. فإن استدل المخالف بقوله: وما يستوي الأعمى والبصير، فالجواب عنه: أن الآية مجملة لم يتضمن ذكر ما يستوون فيه، وادعاء العموم فيما لم يذكر غير صحيح، وظواهر آيات الشهادة تتناول الأعمى كتناولها البصير إذا كان عدلا لأن قوله: وأشهدوا ذوي عدل منكم، و: استشهدوا شهيدين من رجالكم، يدخل فيه الأعمى كدخول البصير، فإن كان الذي يشهد عليه يحتاج فيه إلى الرؤية حتى تصح الشهادة فيه فلا تقبل حينئذ شهادة الأعمى فيه. فإن كان في وقت إشهاد الأعمى كان صحيحا ثم عمي فإن شهادته مقبولة في ذلك أيضا.