معتادا للهيضة لم يكن له منها خطر من لم يكن معتادا لها وهي في الصبيان أكثر وأكثر ما تعرض الهيضة فإنما تعرض في الصيف والخريف لضعف الهضم فيهما وتفل في الشتاء والربيع وقد يكثر حدوث للهيضة من شرب ماء بارد على الريق يتبع غذاء غليظ لا سيما في الفطر من الصوم والمشمش والبطيخ مما يهيجان الهيضة وكثيرا ما تحتبس الهيضة فيميل نفث مادتها إلى أعضاء البول فتحدث حرقة البول واما الاسهال الواقع بسبب امتناع نفوذ الغذاء وهو السددي فهو الذي يسمى الاسهال الكائن بأدوار وذلك لان العروق المنسدة تمتلئ في مدة معلومة إلى أن لا تحتمل ثم تستفرغ راجعة وفيما بينهما حال كالصحة وأكثر النوبة عشرون يوما وربما تقدم أو تأخر لما يعلم من الأسباب واما الكائن لسبب الأغذية فقد ذكرناه مرة في باب المعدة ولا بأس لو أعدنا ذلك وزدناه شرحا فنقول ان الكائن للأغذية اما لقلتها فتفسد في المعدة الحامية كما علمت فلا تقبلها الطبيعة فتدفعها واما لكثرتها فتمدد وتكظ أو لا تقبل الهضم وتفسد أو لثقلها أيضا فتهبط واما للذعها كالبصل واما لقوة سمية فيها كالفطر أو لسرعة استحالة إلى فساد كاللبن أو لشدة رقتها فترشح فلا تحتبس عند الباب واما لرطوبتها أو لزوجتها فتنزلق أو لكثرة الحركة عليها أو لكثرة شرب الماء عليها فتكظ وتزلق أو لكثرة ما يجد من الأخلاط المزلقة كالبلغم أو الجالية كالصفراء أو لكونه غذاء كذب وهو الكثير الكمية القليل الغذاء مثل البقول أو لترتيب يوجب الازلاق مثل تقديم الغذاء اللين الخفيف الهضم المزلق وتأخير الغذاء القابض العاصر أو تأخير سريع الاستحالة فيفسد ما تحته وتستدعي الطبيعة إلى الدفع واما الكائن بسبب الهواء المحيط وهو ان الهواء الحار يحلل فيجفف والبارد يجمع ويحصف والجنوب وكثرة المطار والبلاد الجنوبية تطلق وربما كانت الرياح سببا للاسهال بما يفسد من الهضم ويحرك من الغذاء قال أبقراط اللثغ يعرض لهم الذرب كثيرا يعنى باللثغ الذين لا يفصحون بالراء والسبب في ذلك أن الرطوبة مستولية على أعضائهم العصبية وعلى معدهم لمشاركة أدمغتهم أو لسبب عم الدماغ وغيره وهؤلاء أيضا يجب أن يسهلوا برفق وقال أيضا من كان في شبابه لين الطبيعة أو صلبها فهو عند الشيخوخة بالضد ومن كان دائم لين الطبيعة في الشباب لم يوافقه في شيخوخته دوامه وكل خلقة تكون بعد مرض شديد يعرض بغتة فهو دليل موت لأنه يدل على فساد الأخلاط دفعة والفواق إذا حدث بصاحب البطن وخصوصا بصاحب الزحير فذلك دليل شر يدل على اليبس المذبل وإذا غذى المبطون الضعيف فلم يزد نبضه فلا تعالجه والمبطون يموت قليلا قليلا يسقط نبضه ويصير دوديا ونمليا وهو مع ذلك يعيش ويعقل ثم يبطل نبضه وهو يعيش ثم يموت واعلم أن من يختلف أصنافا مختلفة من المراري ومن الزبدي والفنون السمجة ولا يضعف فلا تحبسه فيؤدى إلى به إلى أمراض صعبة أو أورام خبيثة رديئة * (العلامات) * قيل إنه إذا كان البول في الحميات الصفراوية ابيض مع سلامة الدلائل أي ثبات العقل وفقدان الصداع ونحوه فتوقع سحج الأمعاء ثم الفرق بين الدماغي والمعدي ان المعدي لا ترتيب له ولا أوقات بأعيانها يثور فيها بل يكون بحسب التدبير وان كانت الهاضمة ضعيفة خرج بلا هضم وان كانت الماسكة ضعيفة خرج سريعا فان كانت الماسكة والدافعة جميعا ضعيفتين خرج
(٤٢٦)