لكثرة عروقه وعظمها ورقة جسمه وسيلان المرار الصرف إليه من المرارة من غير خلط آخر ولأنه عظيم غائلة الأذى لقربه من عضو رئيس هو الكبد فليس شئ من الأمعاء أقرب إليه من الصائم والدواء أيضا لا يقف عليه بل يزلق عنه والقروح تكون من سحج ثفل ومن حدة مرار أو ملوحة خلط أو شدة تشبثه للزوجته فإذا انقلع خرج أو لانفجار الأورام وسائر الاستفراغات المختلفة المؤذية بمرورها ومن كان من السحج السوداوي واقعا على سبيل الابتداء فهو قتال لأنه يدل على سرطان متعفن وما كان في آخر الحميات فهو قتال جدا وان لم يصر بعد سحجا بل كان بعد اسهالا سوداويا خصوصا الذي يغلى على الأرض وله رائحة حامضة وان كانت القوة باقية بعد بل وان كان في الصحة أيضا فان هذا الصنف من السوداوي لا يبرأ صاحبه وأما إذا لم تكن له هذه الخاصية ولم يكن يغلى ولا رائحته حامضة فهو فضل سوداوي تدفعه الطبيعة وقد ترجى معه العافية والقرحة قد تتولد عقيب الورم وقد تكون عن شئ قاشر وجارد ابتداء مثل دواء مسهل أو غذاء لزج يلزق ثم ينفصل قاشرا جاردا أو غذاء صلب يسحج بمروره وقد يكون عن أخلاط أسهلت ثم قرحت وحد زمان تولد القرحة عن الاسهال المراري أسبوعان وعن البورقي شهر وعن السوداوي من أربعين يوما إلى أكثر من ذلك وكثيرا ما تنثقب الأمعاء من صاحب القروح فيموت في الأكثر وربما كان بعضهم قويا فيبقى مدة ويجتمع الثفل في بطنه وكانه مستسقى ثم يموت وأما في أكثر الامر فإذا بلغ القرح ان يخرج من جوهر الأمعاء شيئا له حجم أدى إلى العفونة والى اسقاط القوة بمشاركة المعدة والى الموت فكيف إذا انثقب وخصوصا بعض الأمعاء العليا وقد حكى قوم انه قد انثقب بعض الأمعاء السفلى لرجل ثم انثقب المراق والبطن لورم حدث بها محاذيا للثقب ومشاركا لتلك العفونة والآفة كأنه ثقب البطن أيضا هناك وكان يخرج الوجع منه وعاش الرجل وهذا وان كان في جملة الممكن فهو من جملة الممكن البعيد أبعد منه ان يعيش والثفل ينصب إلى فضاء البطن قالوا إذا وقع انثقاب المعي والبطن بإزاء الصائم لم يسكن الجوع ولم يثبت شئ في المعدة وذبل صاحبه وانتفخ بطنه ومات وأصناف السحج دموي وصديدي ومري ومدي وخراطي ومخاطي وزبدي وقشاري والمرئ أسلم ويتدارك وكثيرا ما يكون من أمراض حادة وحميات محرقة وغبية وأكثر ما يكون بحرانا لها والمدى إذا ابتدأ مديا فأما ان يكون سببه انفجار دبيلات وأورام في الأحشاء دفعته الطبيعة إلى الأمعاء وهو أسلم وهذا القسم لا يكون بالحقيقة معويا وكثيرا ما يؤدى إلى المعوي ويحدث منها فساد في آخر الامر وكثيرا ما يتبعه اختلاف مدى ولا يحتبس ويكون أكثر ذلك قيحيا مديا وربما خالطه دم واما ان لا يكون سببه ذلك ولا يكون في الأعضاء الباطنة ورم نضيج ينفجر فيكون من جهة سرطان متعفن في الأحشاء ولا برء له لكثرة ما يصاك وقلة ما يجد من السكون ولصعوبة العلة في نفسها وأما الصديدي فاما عن ذوبان واما عن رشح من ورم هو في طريق النضج وأكثره ليس بمعوي وأما الدموي فمنه واقع دفعة ومنه واقع يسيرا يسيرا والأول سببه انفتاح عرق وانحلال فرد وإذا لم يصحبه وجع ما فليس من الأمعاء بل من أحشاء أخرى وخصوصا إذا اقترن بذلك علامات أخرى وقد يكون من الأمعاء أيضا بلا وجع إذا كان على سبيل انفتاح فوهات عروقها من غير سبب آخر وهو أسلم
(٤٢٣)