ما فيه من الدم إلى الصفراء والمادة هي الأغذية وإذا كانت من جنس ما تتولد منها الصفراء اما لحرارة مزاجها واما لسرعة استحالتها إلى الحرارة كاللبن في المعدة الحارة لم تخل عن توليد الصفراء الكثيرة واما الأسباب الغريبة فمثل حر من خارج يشتمل عليه أو يفشو فيه بسبب مثل لسعة من جرارة أو حية أو ضرب من الزنابير الخبيثة أو عض مثل قملة النسر وقد تفعله الأدوية المشروبة كمرارة النمر والأفعى إذا كانا بحيث لا يقتلان والسمى في الأكثر يظهر دفعة وما يكون من اليرقان لكثرة الصفراء فقد يكون انتشارها من نفسها لشدة الغابة على الدم وقد يكون على سبيل دفع من الطبيعة وهو اليرقان البحراني وهذه الكثرة قد يتفق ان تتولد دفعة وقد تتولد قليلا قليلا وفي الأيام إذا كان ما يتولد لا يتحلل لكثافة الجلد أو غلظ المادة ولهذين السببين ما يكثر اليرقان عند هيجان الرياح الشمالية وفي الشتاء البارد وعند احتباس العرق المعتاد وكثرة تولد الصفراء قد تكون في الكبد وقد تكون في البدن كله على ما قد علمت وقد تكون بسبب الأورام الحارة حيث كانت لما تغير من المزاج إلى الحرارة فيكثر تولد الصفراء فيحدث اليرقان عن مجاورة أورام حارة لتغيرها المزاج وان كان قد يحدث ذلك أيضا على سبيل التسديد ومنع الاستفراغ والباردة أولى بتوليد المرار الأسود فهذا هو الكائن بسبب الكثرة واما الكائن بسبب عدم الاستفراغ فاما ان يكون عدم الاستفراغ عن الكبد أو عن المرارة أو عن الأمعاء والأعضاء الأخرى وإذا لم تستفرغ عن الكبد فاما ان يكون السبب في الفاعل أو يكون في الآلة والسبب الذي في الفاعل هو ضعف القوة المميزة أو ضعف القوة الدافعة والسبب الذي في الآلة فهو انسداد المجرى أو ما بين الكبد والمجرى ومن هذا القبيل ما يتولد عن أورام الكبد الحارة والصلبة ومن هذا القبيل اليرقان الذي يكون مع برد يصيب قعر الكبد فيقبض مجاريها والذي يكون من انضغاط أيضا وسائر أسباب السدد واعلم أنه إذا حصلت سدة تحبس الصفراء في الكبد في أي المواضع كانت من الكبد والمرارة وجب أن يصير الكبد أسخن مما هو فيتولد المرار أيضا أكثر مما كان يتولد في حال لسلامة وأما الكائن بسبب المرارة فاما لضعفها عن الجذب من الكبد لا سيما إذا كان مع ضعف الكبد عن التمييز والدفع أو لشدة قوة جاذبتها فيملأها جذبا دفعة واحدة ولا يسعها غير ما يملأها ويمددها كثيرا فتسقط قوتها فلا تجذب واما لوقوع سدة في مجراها إلى الأمعاء وقد تكون تلك السدة بسبب شدة اكتناز منها لما سال إليها من الصفراء دفعة لكثرة تولد أو شدة دفع في الكبد أو جذب من المرارة فينطبق على فم المجرى ما يحتبس ومع ذلك فان القوة للأذى تضعف وقد يكون لسائر أسباب السدد والذي يكون في القولنج فيكون لان الخلط اللزج يغرى وجه المجرى فلا ينصب المرار إلى الأمعاء وهذا هو الذي سببه القولنج وقد يكون من اليرقان ما هو مع القولنج وليس سببه القولنج بل هما جميعا مشتركان في سبب واحد وهو سدة سبقت إلى مجرى المرارة قبل حدوث القولنج فمنعت المرار أن ينصب إلى الأمعاء ويغسلها فلما منعت عرض ان الأمعاء لم تنغسل وكثر فيها الرطوبات وهاج القولنج وعرض ان الصفراء رجعت إلى البدن فهاج اليرقان وكل سدة في مجرى الكبد إلى المرارة أو في مجرى المرارة إلى الأمعاء كانت من التحام أو ثؤلول لم يرج برؤها وأما الكائن عن الأمعاء فهو ما ظنه قوم من أنه قد
(٤٠١)