ولقد أشار القرآن الحكيم إلى كثرتهم وأنهم في خفاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فضلا عن المؤمنين حيث كانوا يتشددون في ستر عوارهم كما يتشدد المصلون في ستر عوراتهم قال تعالى: * (وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) * (1) والذي يمنحهم الخفاء علينا أكثر أن الله تعالى سماهم مؤمنين كما في آية الحديث محل البحث تأليفا لقلوبهم وحفاظا لئلا ينفضوا من حول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ريثما يشتد عود الإسلام أو يتمكن من قلوب الناس.
2 - لم تتوقف هذه الفتنة بين الصحابة على الشتم والسباب بل جعلت من ذلك جسرا يسمح بالعبور إلى الضرب بالجريد والأيدي والنعال.
فإذا فهمت ذلك كله فالعتب الجميل على المتشددين من أخوتنا أهل السنة بخصوصهم ومالك بن أنس مؤسس المذهب المالكي بأخصه لأن الله يسمي طائفة عبد الله بن أبي بن سلول مؤمنة لأنهم فقط يقولون لا اله إلا الله كما قال تعالى: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) * (2) ومالك في إحدى الروايتين يكفر كل مؤمن تورط في سب أدنى صحابي، وأدهى من ذلك وأمر أنهم يلتمسون العذر لكل صحابي حتى وإن غدر وفجر وإن قتل المهاجرين والأنصار ويحتجون لكل ظالم منهم بآية: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) * وكأنه لم تكن إحدى الطائفتين آنذاك هم المنافقون الذين عتم التاريخ عليهم ولم يعرف منهم إلا أقل القليل، ولو سمعوا أن مسلما انتقد ذلك الظالم يكفرونه ويقولون إنه شيعي أو مبتدع أو ضال.