تحت رايات دعاوى الاجتهاد وانا لله وانا إليه راجعون.
والغريب في الأمر قولهم: أن سعدا قتله الجن كما روى سعد بن سعيد بن سعد قال: (توفى سعد بن عبادة... فما علم بموته بالمدينة حتى سمع غلمان في بئر منبه أو بئر سكن.. قائلا يقول من البئر:
- قد قتلنا سيد الخزرج * سعد بن عبادة - - ورميناه بسهمين * فلم نخطي فؤاده - فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد فإنما جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته ووجدوه قد اخضر جلده).
وروى أيضا عن محمد بن سيرين (أن سعد بن عبادة بال واقفا فلما رجع قال لأصحابه لأني لأجد دبيبا فمات فسمعوا الجن تقول: (قد قتلنا سيد الخزرج...) (1).
أقول: دلالة الحديث إن الجن القتلة كانوا شعراء وان المغيرة بن شعبة وخالد بن الوليد كانوا أبرياء وأن الجن سارعوا شكورين إلى الاعتراف بالجريمة ابراءا للذمة ورحمة بالصحابة وابعادا لهم عن الفتنة حتى لا يتهم به المغيرة بن شعبة ولا خالد بن الوليد ولا محمد بن مسلمة ولا غيرهم فتأمل.
ومن الغريب جدا أنهم كيف عرفوا أن سعدا بال واقفا فعوقب بالقتل، والحال أنه مات ولم يعلم به أحد حتى اخضر جلده والأكثر غرابة: أن الفقهاء ينقلون في أبواب الدخول إلى الخلاء فصل المكروهات قولهم: يكره أن يبال في الحجر - الثقب المستدير النازل - ثم يعللون ذلك بأنه مأوى الجن وشاهد التعليل: أن سعدا بال واقفا في ثقب فقتله الجن وهكذا تنتهي حياة سعد بن عبادة (2).