أسبابه؟ ألم يقرأ القرآن فيطمئن لقول الله * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * (1) فبموجب هذه الآية اعتقد عامة المسلمين أنه لو لم يبق على وجه الأرض مسلم يرقب القرآن عن التغيير والتبديل وأراد أحد أن يزيد فيه حرفا أو ينقص منه حرفا لأنطق الله الحجر والشجر والمدر ليشهد على المحرفين ويكذبهم.
وعلى هذا فطلب الاطمئنان على كتاب الله تحصيل حاصل. وإن كان الخوف استولى على قلب الشيخ أبي زرعة غيرة على السنة فهو واجب على كل مسلم ولكن ليس بتكفير المسلمين وإنما بأخذها عن العدل الضابط عن مثله عن المعصوم ورحمة الله على عمر بن الخطاب فإنه هو الذي تولى جناية المنع من كتابة الحديث ولولاه لما اختلف اثنان في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو الذي أصدر المرسوم المبتكر ورسول الله في مرض الموت حيث قال: (هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال عمر: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا... ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي... قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قوموا) (2) ومعنى غلبه الوجع أي أن النبي يهذو.
وعلى كل حال استمر عمر بن الخطاب يمنع من كتابة الحديث والتحدث بما لم يسمعه هو في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واستمر الحال خلفا عن سلف نحوا من (90) سنة هجرية فاختلط حابل السنة الشريفة بنابلها من كثرة الكذابين، هذا هو السبب في اضطراب السنة واختلاطها وتعارضها