وأثقل من أثقل على رسول الله وانقض ظهره آنذاك المشركون عندما يصدونه عن تبليغ رسالة الله، والمسلمون عندما ينهزمون من المعارك ويولون الدبر فيتركونه (صلى الله عليه وآله وسلم) في حمي الوطيس نهبا نهبا وطعمة لذؤبان العرب، فذلك لم يحتج رسول الله إلا إلى نوعين من الاستوزار وزيرا للحرب وآخر لتبليغ دين الله إلى الناس.
وبكلمة: أن أبا بكر وعمر لم يكونا في مستوى الوزارة ومصاف الوزراء لأنهما من المنهزمين الناكثين الفارين من الزحف في معركة أحد ومعركة حنين في الطائف، والمهزومون هم لا وزراء ولا موازرين.
وهما كذلك غير مبلغين بدليل: أنه لما نزلت عشر آيات من سورة براءة بعثها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أبي بكر ليبلغها المشركين من أهل مكة ثم اتبعه بعلي للتبليغ وأمر برد أبي بكر فقال: (يا رسول الله نزل في شئ قال: لا ولكن جبريل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك) (1).
وعليه يكون وزير الحرب والتبليغ هو علي بن أبي طالب، وشاهد ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) (2) ومن منازل هارون الوزارة قال تعالى: * (وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا) * (3) وقال: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) * (4) ولله الحمد والمنة.