وأما معاوية وعمرو بن العاص فلا يطمعان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة، وأعان علينا بيده ولسانه وماله.
قلت له: جعلت فداك فإنك تسمع هذا كله ولا تفزع؟
قال: يا بن بكير إن قلوبنا غير قلوب الناس، إنا مصفون مصطفون، نرى ما لا يرى الناس، ونسمع ما لا يسمعون، وإن الملائكة تنزل علينا في رحالنا، وتتقلب على فرشنا وتشهد طعامنا، وتحضر موتانا، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، وتصلي معنا وتدعو لنا، وتلقي علينا أجنحتها، وتتقلب على أجنحتها صبياننا، وتمنع الدواب أن تصل إلينا، وتأتينا مما في الأرضين من (كل) (1) نبات في زمانه، وتسقينا من ماء كل أرض، نجد ذلك في آنيتنا.
وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلا وهي تنبهنا لها.
وما من ليلة تأتي علينا إلا وأخبار كل أرض عندنا وما يحدث فيها، وأخبار الجن، وأخبار أهل الهواء من الملائكة.
وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره مقامه إلا (و) (2) أتتنا بخبره، وكيف سيرته في الذين قبله.
وما من أرض من ستة أرضين إلى الأرض السابعة إلا نحن نؤتى بخبرها.
فقلت له: جعلت فداك أين منتهى هذا الجبل؟
قال: إلى الأرض السابعة (3)، وفيها جهنم على واد من أوديتها، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء، وقطر المطر، وعدد ماء البحار، وعدد الثرى [و] (4) قد وكل كل ملك منهم بشئ، وهو مقيم عليه لا يفارقه.