قوله عز وجل (إذ يغشى السدرة ما يغشى) (فإن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى ربه قال) (1): وقف بي جبرئيل عند شجرة عظيمة لم أر مثلها، على كل غصن منها ملك، وعلى كل ورقة منها ملك، وعلى كل ثمرة منها ملك، وقد تجللها نور من نور الله عز وجل.
فقال جبرئيل عليه السلام: هذه سدرة المنتهى، كان ينتهي الأنبياء قبلك إليها، ثم لم (2) يتجاوزوها وأنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى، فاطمئن أيدك الله بالثبات حتى تستكمل كرامات [الله] (3) وتصير إلى جواره.
ثم صعد بي إلى تحت العرش فدلي إلي (4) رفرف أخضر (ما أحسن أصفه) (5) فرفعني الرفرف بإذن الله [إلى] (6) ربي فصرت عنده وانقطع عني أصوات الملائكة ودويهم، وذهبت المخاوف والروعات (7) وهدأت (8) نفسي واستبشرت وجعلت أمتد وأنقبض، ووقع علي السرور والاستبشار، وظننت أن جميع الخلق قد ماتوا ولم أر غيري أحدا من خلقه، فتركني ما شاء الله.
ثم رد علي روحي فأفقت، وكان توفيقا من ربي أن غمضت عيني وكل (9) بصري وغشي (10) عن النظر فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ، وذلك قوله (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) وإنما كنت (أبصر مثل خيط الإبرة نورا بيني وبين ربي ونور ربي) (11) لا تطيقه الابصار.
فناداني ربي فقال تبارك وتعالى: يا محمد قلت: لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك.