كان لي بستان على شاطئ الفرات لي فيه نخل ورثته عن آبائي وقاسمت اخوتي وبنيت بيني وبينهم حائطا وجعلت فيه فارسا في بيت يحفظ النخل فاشترى الأمير موسى بن عيسى من اخوتي وساومني فلم أبعه فبعث بخمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط واختلط النخل بنخل اخوتي فقال يا غلام طينة فختم عليها ثم قال لها امضي إلى بابه حتى يحضر معكم فجاءت المرأة بالطينة فأعطاها الحاجب لموسى فقال ادع لي صاحب الشرط فقال امض إلى شريك فقل له يا سبحان الله ما رأيت أعجب من امرك امرأة ادعت دعوى لم تصح أعديتها علي فقال صاحب الشوط ان رأى الأمير ان يعفيني فليفعل قال امض ويلك فخرج فامر غلمانه ان يذهبوا إلى الحبس بما يلزمه فيه فلما أدى الرسالة قال يا غلام خذ بيده فضعه في الحبس فبلغ الخبر موسى بن عيسى فوجه الحاجب إليه وقال هذا من ذاك، رسول أي شئ عليه؟
فقال الحقه بصاحبه فحبس فأرسل الأمير إلى جماعة من وجوه الكوفة من أصدقاء شريك فقال امضوا إليه وأبلغوه السلام وأعلموه انه قد استخف بي واني لست كالعامة فقال لهم شريك ما لي لا أراكم جئتم في غيره من الناس، وأمر بهم إلى الحبس فقالوا أجاد أنت؟ قال حقا حتى لا تعودوا برسالة ظالم، وركب موسى بن عيسى ليلا فأخرجهم فلما كان الغد وجلس شريك للقضاء جاء السجان فأخبره فدعا بالقمطر فختمها ووجه بها إلى منزله وقال لغلامه الحقني بثقلي إلى بغداد والله ما طلبنا هذا الامر منهم ولكن أكرهونا عليه ولقد ضمنوا لنا الاعزاز فيه ومضى نحو قنطرة الكوفة إلى بغداد وبلغ موسى بن عيسى الخبر فلحقه وجعل يناشده الله ويقول يا أبا عبد الله تثبت انظر إخوانك تحبسهم دع أعواني قال نعم لأنهم مشوا لك في امر لم يجب عليهم المشي فيه ولست ببارح أو يردوا جميعا إلى الحبس، وهو والله واقف مكانه حتى جاء السجان فقال قد رجعوا إلى الحبس فقال لأعوانه خذوا بلجامه قودوه بين يدي إلى مجلس الحكم ففعلوا ثم قال للمرأة المتظلمة هذا خصمك قد حضر، فقال أولئك يخرجون من الحبس قبل كل شئ، قال اما الآن فنعم، ما تقول فيما تدعيه هذه قال صدقت قال فرد ذلك وتبني لها حائطا قال افعل قال وبيت الفارسي ومتاعه قال يرد ذلك، بقي لك شئ تدعينه قالت لا وجزاك الله خيرا ثم وثب من مجلسه فاخذ بيد موسى بن عيسى فأجلسه في مجلسه وقال السلام عليك أيها الأمير تأمر بشئ. قال أي شئ آمر به وضحك. وله ذكر في ترجمة محمد بن مسلم روى الكشي عن محمد بن مسلم: اني لنائم ذات ليلة على السطح إذ طرق الباب طارق فقلت من هذا فقال: شريك يرحمك الله فأشرفت فإذا امرأة الحديث وكانت مرسلة من قبل الامام أبي حنيفة تسأله عن امرأة حامل ماتت والولد يتحرك فتسترت باسم شريك ليواجهها وخافت ان أخبرته انها امرأة ان لا يواجهها لكراهة الشهرة. وقال الكشي حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة حدثني الفضل بن شاذان حدثنا أبي عن غير واحد من أصحابنا عن محمد بن حكيم وصاحب له قال أبو محمد قد كان درس اسمه في كتاب أبي، قالا رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب قال أحدنا لصاحبه هل لك في خلوة من شريك فاتيناه فقلنا يا أبا عبد الله مسالة فقال في أي شئ فقلنا في الصلاة ولا نريد ان تقول قال فلان وقال فلان انما نريد ان تسنده إلى النبي ص فقال سلوا عما بدا لكم فقلنا له في كم يجب التقصير قال كان ابن مسعود يقول وكان يقول فلان. قلنا انا استثنينا عليك ان تحدثنا الا عن النبي ص قال والله انه لقبيح بشيخ يسأل عن مسالة في الصلاة عن النبي ص لا يكون عنده فيها شئ وأقبح من ذلك أن اكذب على رسول الله ص قلنا على من تجب صلاة الجمعة قال عادت المسألة خدعة ما عندي في هذا عن رسول الله ص شئ فاردنا الانصراف قال إنكم لم تسألوا عن هذا الا وعندكم منه علم قلنا نعم روى لنا محمد بن مسلم عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن النبي ص ان التقصير يجب في بريدين وإذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم ان يجمعوا.
تولية القضاء في كتاب صحائف العالم ولاه المهدي قضاء الكوفة وعزله ولده الهادي وبعد قضاء الكوفة ولي قضاء الأهواز اه. وفي مروج الذهب كان شريك بن عبد الله النخعي تولى القضاء بالكوفة أيام المهدي ثم عزله موسى الهادي. وذكر سبب عزل المهدي له فروى الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام في كتابه الموفقيات وهو كتاب صنفه للأمير أبي احمد طلحة ابن المتوكل الملقب بالموفق أخي المعتمد العباسي في سبب عزله قال حدثني عمي مصعب عن جدي عبد الله بن مصعب قال تقدم وكيل لمؤنسة إلى شريك بن عبد الله القاضي مع خصم له فإذا الوكيل مدل بموضعه من مؤنسة فجعل يسطو على خصمه ويغلظ له فقال له شريك كف لا أم لك فقال أوتقول لي هذا وأنا قهرمان مؤنسة فقال يا غلام اصفعه فصفعه عشر صفعات فانصرف بخزي فدخل على مؤنسة فشكا إليها ما صنع به فكتبت رقعة إلى المهدي تشكو شريكا وما صنع بوكيلها فعزله ويأتي في سبب عزله عند ذكر سبب آخر أيضا لعزله وفي معجم الأدباء ج 6 ص 201 حدث الهيثم بن عدي قال استقضى المنصور على الكوفة بعد عبد الرحمن بن أبي ليلى شريك بن عبد الله النخعي فلم يزل قاضيا حتى كانت خلافة الرشيد فاستقضى نوح بن دراج اه وهو يخالف ما مر.
وفي الشذرات ج 1 ص 250 قال المهدي اكتبوا عهد سفيان الثوري على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه فيها حكم فخرج ورمى بالكتاب في دجلة وهرب فطلب فلم يقدر عليه وتولى قضاءها عنه شريك بن عبد الله النخعي فقال فيه الشاعر:
تحرز سفيان ففر بدينه * وأمسى شريك مرصدا للدراهم قال ابن الأثير كان تولية القضاء سنة 153 وفي مروج الذهب ذكر الفضل بن الربيع قال دخل شريك على المهدي يوما فقال له لا بد ان تجيبني إلى خصلة من ثلاث قال وما هن يا أمير المؤمنين قال اما ان تلي القضاء أو تحدث ولدي وتعلمهم أو تأكل عندي اكلة ففكر ثم قال الأكلة أخفهن على نفسي فتقدم إلى الطباخ ان يصلح له ألوانا من المخ المعقود بالسكر والعسل فلما فرع من غذائه قال له القيم على المطبخ يا أمير المؤمنين ليس يفلح الشيخ بعد هذه الاكلة ابدا: قال الفضل بن الربيع: فحدثهم والله شريك بعد ذلك وعلم أولادهم وولي القضاء لهم. ولقد كتب بأرزاقه إلى الجهبذ فضايقه، فقال له الجهبذ انك لم تبع برا قال له شريك بلى والله لقد بعت أكبر من البر لقد بعت ديني، وفي تاريخ بغداد هجا رجل شريكا فقال:
فهلا فررت وهلا اغتربت * إلى بلد الله والمحشر