يوسف وخرج يريد المدينة فلحقه رجال من الشيعة وقالوا له ارجع فان لك عندنا الرجال والأموال فرجع.
وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين بأسانيده عن رواة حديثه قالوا كان أول امر زيد بن علي صلوات الله عليه ان خالد بن عبد الله القسري ادعى مالا قبل زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن عباس وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وأيوب بن سلمة المخزومي وكتب فيهم يوسف بن عمر عامل هشام على العراق إلى هشام وزيد بن علي ومحمد بن عمر يومئذ بالرصافة الظاهر أنها رصافة الشام بناها هشام بن عبد الملك وزيد يخاصم الحسن بن الحسن في صدقة رسول الله ص فبعث إليهم هشام فأنكروا فقال لهم هشام فانا باعثون بكم إليه يجمع بينكم وبينه فقال له زيد أنشدك الله والرحم ان لا تبعث بنا إلى يوسف قال وما الذي تخاف من يوسف قال أخاف ان يتعدى علينا فكتب هشام إلى يوسف إذا قدم عليك زيد وفلان وفلان فاجمع بينهم وبينه فان أقروا فسرح بهم إلي وان أنكروا ولم يقم بينة فاستحلفهم بعد صلاة العصر ثم خل سبيلهم فقالوا انا نخاف ان يتعدى كتابك قال كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرع ويعجل قالوا جزاك الله عن الرحم خيرا. فسرح بهم إلى يوسف وهو يومئذ بالحيرة واحتبس أيوب بن سلمة لخؤلته ولم يؤخذ بشئ من ذلك فلما قدموا على يوسف اجلس زيدا قريبا منه ولاطفه في المسألة ثم سألهم عن المال فأنكروا فأخرجه يوسف إليهم وقال هذا زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما ادعيت قال ما لي قبلهما قليل ولا كثير قال أفبي كنت تهزأ أم بأمير المؤمنين فعذبه عذابا ظن أنه قد قتله ثم اخرج زيدا وأصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفهم فحلفوا فخلى سبيلهم كان خالد القسري واليا على العراق قبل يوسف فلما ولي يوسف عذبه بأمر هشام ليستخرج منه الأموال فادعى ان له مالا أودعه عند هؤلاء ليرفع عنه العذاب ولم يكن له عندهم شئ فلما جمعه بهم تكلم بالحقيقة.
وقال ابن الأثير ان هشاما أحضرهم من المدينة وسيرهم إلى يوسف ليجمع بينهم وبين خالد فقال يوسف لزيد ان خالدا زعم أنه أودعك مالا قال كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره فأرسل إلى خالد فأحضره في عباءة فقال هذا زيد قد أنكر انك أودعته شيئا فقال خالد ليوسف أتريد مع اثمك في اثما في هذا كيف أودعه وانا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر فقالوا لخالد ما دعاك إلى ما صنعت قال شدد علي العذاب فادعيت ذلك وأملت ان يأتي الله بفرج قبل قدومكم فرجعوا وأقام زيد وداود بالكوفة وقيل إن يزيد ابن خالد القسري هو الذي ادعى المال وديعة عند زيد اه.
قال ابن عساكر: قال مصعب بن عبد الله: كان هشام بعث إلى زيد والى داود بن علي واتهمهما ان يكون عندهما مال لخالد بن عبد الله القسري حين عزله فقال كثير بن كثير بن المطلب بن وداعة السهمي حين اخذ داود وزيد بمكة:
يامن الظبي والحمام ولا يامن * ابن النبي عند المقام طبت بيتا وطاب أهلك اهلا * أهل بيت النبي والاسلام رحمة الله والسلام عليكم * كلما قام قائم بسلام حفظوا خاتما وجزء رداء * وأضاعوا قرابة الأرحام قال ويقال ان زيدا بينما كان بباب هشام في خصومة عبد الله بن حسن في الصدقة ورد كتاب يوسف بن عمر في زيد وداود بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وأيوب بن سلمة فحبس زيدا وبعث إلى أولئك فقدم بهم ثم حملهم إلى يوسف بن عمر غير أيوب فإنه اطلقه لأنه من أخواله وبعث بزيد إلى يوسف بن عمر بالكوفة فاستحلفه ما عنده لخالد مال وخلى سبيله حتى إذا كان بالقادسية لحقته الشيعة فسألوه الرجوع معهم والخروج ففعل وقتل وانهزم أصحابه وفي ذلك يقول سلمة بن الحر بن يوسف بن الحكم:
وأمتنا حجاجح من قريش * فأمسى ذكرهم كحديث أمس وكنا أس ملكهم قديما * وما ملك يقوم بغير أس ضمنا منهم ثكلا وحزنا * ولكن لا محالة من تاس والاختلاف بين هذه الأخبار ظاهر فالخبر الأول دل على أن زيدا كان بالمدينة وداود بالبلقاء والخبر الثاني دل على أن زيدا ومحمد بن عمر كانا بالرصافة بالشام، والخبر الثالث دل على أن الجميع كانوا بمكة والخبر الرابع دل على أن هشاما هو الذي اتهم زيدا وداود بالمال وانهما كانا بمكة وانه حبس زيدا.
وقال ابن الأثير في الكامل ان المال الذي ادعاه خالد على زيد كان ثمن ارض ابتاعها خالد من زيد ثم ردها عليه فذكر في حوادث سنة 121 قيل إن زيدا قتل فيها وقيل في سنة 122 وقيل في سبب خلافه ان زيدا وداود ابن علي بن عبد الله بن عباس ومحمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب قدموا على خالد بن عبد الله القسري بالعراق فأجازهم ورجعوا إلى المدينة فلما ولي يوسف بن عمر كتب إلى هشام بذلك وذكر ان خالد بن عبد الله ابتاع من زيد أرضا بالمدينة بعشرة آلاف دينار ثم رد الأرض عليه فكتب هشام إلى عامل المدينة ان يسيرهم إليه ففعل فسألهم هشام عن ذلك فأقروا بالجائزة وأنكروا ما سوى ذلك وحلفوا فصدقهم وأمرهم بالمسير إلى العراق ليقابلوا خالدا فساروا على كره وقابلوا خالدا فصدقهم فعادوا نحو المدينة فلما نزلوا القادسية راسل أهل الكوفة زيدا فعاد إليهم.
قال أبو الفرج في روايته فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما وجعل يوسف يستحثه حتى خرج واتى القادسية ثم إن الشيعة لقوه فقالوا أين تخرج عنا رحمك الله ومعك مائة ألف سيف من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بني أمية بها دونك وليس قبلنا من أهل الشام الا عدة يسيرة فأبى عليهم فقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أذكرك الله يا أبا الحسين لما لحقت باهلك ولم تقبل قول أحد من هؤلاء فإنهم لا يفون ذلك أليسوا أصحاب جدك الحسين بن علي ع فأبى ان يرجع فما زالوا يناشدونه حتى رجع بعد أن أعطوه العهود والمواثيق. وقال ابن الأثير فقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أذكرك الله يا زيد لما لحقت باهلك ولا ترجع إليهم فإنهم لا يفون لك فلم يقبل وقال له خرج بنا اسراء على غير ذنب من الحجاز إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق إلى تيس ثقيف يلعب بنا ثم قال:
بكرت تخوفني الحتوف كأنني * أصبحت عن عرض الحياة بمعزل فأجبتها ان المنية منهل * لا بد ان أسقي بذاك المنهل ان المنية لو تمثل مثلت * مثلي كذا إذا نزلوا بضيق المنزل