الجمعية التأسيسية التونسية تموز سنة 1956 وذلك حين زرت ذلك البلد الكريم.
11 - الجزائر. رفضت اللجنة التوجيهية للأمم المتحدة سنة 1954 درج قضية الجزائر في جدول أعمال الجمعية العمومية. فما كان لنا إلا أن نثير الموضوع في الجمعية العمومية نفسها. استعانت فرنسا بالمسيو ستارك وزير خارجيتها وهو علم من أعلامهم لإحباط القضية في الجمعية العمومية فكنت أنا الذي تولى المعركة ضد ستارك فكسبا بصوت واحد. أدرجت قضية الجزائر في جدول الأعمال وخرجت فرنسا من الجمعية العمومية في تلك الدورة ولم تداوم. إن دفاعي عن الجزائر في المحافل الخارجية والعامة الرسمية وغير الرسمية لم ينقطع. كما إني توسطت حين لم أكن في المسؤولية لإيصال ما يمكن من السلاح إلى المجاهدين الجزائريين وترأست لجنة أهلية جمعت التبرعات من الشعب العراقي الكريم ودفعت لإخواننا المجاهدين مبلغ 215 ألف دينار في السنة الماضية ويشرفني ويسرني أن السيد فرحات عباس الذي أصبح رئيس وزراء حكومة الجزائر الحرة أدخلته عضوا في الوفد العراقي في المرة الأخيرة حين كنت في الأمم المتحدة.
12 - عدا القضايا العربية فقد جاهدت ما استطعت في سبيل استقلال أندونيسيا وفي حقها في أريان الغربية وفي ضمان استقلال الصومال الإيطالي الذي سيستقل قريبا وفي مكافحة التمييز العنصري في إفريقيا وفي مؤازرة كل الشعوب الآسيوية والإفريقية التي تناضل في سبيل استقلالها. وكانت سياستي ومواقفي في الأمم المتحدة تتخلص بوضوح على الوجه التالي:
مع الدول العربية دوما في كل القضايا العربية. مع الشرق دوما ضد الاستعمار الغربي. مع الغرب دوما ضد الانتشار الشيوعي. ضد الصهيونية ومصالحها دوما. هذه سياسة ثابتة لم أحد عنها في حياتي في الخدمة الدولية ويمكن للمحكمة المحترمة أن تعود إلى خطبي الموجودة في وزارة الخارجية للتثبت من ذلك.
دوري في معاهدة بورتسموث:
أن مستر بيفن وزير خارجية بريطانيا جاءني بعد توقيع معاهدة بورتسموث زائرا إياي في الفندق وتباحثنا في موضوع فلسطين، وكان مستر بيفن صديق العرب حقا ولم يرتح لتقسيم فلسطين وتأسيس إسرائيل. ولذلك وصفه أحد الصهاينة بأنه هتلر الثاني. تم الاتفاق بيننا وبين المستر بيفن على أن يسلح 50 ألف فلسطيني بسلاح يرسل للشرطة العراقية. ويسلح الجيش العراقي بأعتدة حديثة ويرسل لفلسطين فيستلم كل منطقة فلسطينية تخليها الجيوش البريطانية حتى يستلم العرب كل فلسطين ولا تؤسس دولة يهودية.
هذا ما تم عليه الاتفاق والتفاهم مع مستر بيفن.
هذا ما وددت ذكره بمناسبة الإشارة إلى معاهدة بورتسموث.
والفلسطينيون يعرفوني حق المعرفة لأني من الذين ضحوا براحتهم وسهروا الليالي وعرضوا أنفسهم للتهديد والاغتيال الصهيوني في أمريكا حين كنت أدافع عن فلسطين.
بعد الخارجية ترأست المجلس النيابي ترأست المجلس دورتين وأستطيع أن أفخر بأني كنت دوما أمثل الحياد التام بين الحكومة والمعارضة، وأوقفت تقريبا اقتراحات الاكتفاء بالمذاكرة التي كان يقصد بها حرمان النواب الذين يريدون الكلام ومن ضمنهم المعارضين طبقا.
وصرت رئيسا للوزارة مرتين مدة تقل عن الثمانية أشهر. ألغت وزارتي الأحكام العرفية أعادت الحياة الحزبية والحريات، أعادت الصحف المعطلة، أعادت الطلاب المفصولين جميعا، استصدرت العفو عن كثير من السجناء الشيوعيين وغيرهم. عملت وزارتي في سبيل تخفيض تكاليف المعيشة ومن ضمنها الإيجارات واستصدرت نظاما يجعل الحد الأدنى لأجور العامل العراقي يوميا ربع دينار. كما استصدرت وزارتي الثانية مرسوما يجعل حصة الفلاح من الحاصل لا تقل عن النصف وقد أعدت وزارتي تشريعات إصلاحية عديدة في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية ولا سيما في الأراضي ولكن القوى المحافظة عارضت ذلك بشدة وكان هذا من أسباب استقالتي من الوزارة.
إن حركة الصبر التي كنت أقابل بها المعارضة في مجلس النواب كانت تمثل روحي الديمقراطية أحسن تمثيل وقد لقيت الوزارة من سكان بغداد الكرام تأييدا شعبيا شاملا في مكافحة الفيضان وبذلك التأييد أنقذ الله بغداد من غرق محتم.
لقد تقدمت وزارتي إلى جامعة الدول العربية بمشروع اتحاد نشوئي بين البلاد العربية وعملت في سبيل اتحاد سوريا والعراق فلقيت معارضة كانت السبب الرئيسي لاستقالتها كنت أشعر دائما بضرورة وجود جذور للحكومة في قلوب الشعب وأركانه، تلك الجذور التي تتكون عن طريق التنظيم النقابي والحزبي والتنظيم الشبابي، ولكن لم أجد آذانا صاغية.
إن اتحاد سوريا والعراق من الأمور التي تشكل جزء من عقيدتي القومية فعقيدتي القومية تتكون من تحرير البلاد العربية كلها واتحادها وفي رأيي أن اتحاد سوريا والعراق كان يجب أن يكون الخطوة الأولى لأي اتحاد قومي عام يقوم بين الأقطار العربية نظرا لما بين القطرين من المصالح الحيوية والدفاعية بالإضافة إلى الشعور القومي.
وإني لموقن بأن لو توفرت للبلدين حكومات شعبية قوية تمثل مصالح شعوبها تمثيلا صحيحا لكان الاتحاد قد تحقق منذ سنين بعيدة. أما ما قمت به من أعمال في سبيل الاتحاد فيتخلص:
1 - بمجرد استلامي رئاسة الوزارة سنة 1953 وصل بغداد الأستاذ معروف الدواليبي بوصفه رئيس وزراء سوريا الشرعي الذي كان يحكم قبل قيام الشيشكلي وطلب من الحكومة العراقية مساعدة عسكرية ليطرد من سوريا الشيشكلي مع الأسف لم نستطع تلبية طلبه لأسباب دولية وعسكرية ولأسباب قانونية..
2 - أعدت وزارتي مشروع انتخاب عربي على أساس نشوئي عرضته على مجلس جامعة الدول العربية المنعقد في القاهرة في كانون الثاني 1954 وفي الوقت نفسه تفاهمت مع الحكومة المصرية على مبدأ الاتحاد.
3 - حين قامت سوريا كلها تقريبا ضد الشيشكلي وانتقل عدد من ساسة سوريا إلى بيروت استعنت بصالح جبر فذهب إلى بيروت واتصل بهم وتفاهم معهم على فكرة الاتحاد بين القطرين وقد قام بمهمته خير قيام.
4 - بعد أن غادر الشيشكلي دمشق وعقد مؤتمر حمص وأصبح السيد الأتاسي رئيسا للجمهورية تشكلت حكومة جديدة برئاسة العسلي، بدأت الاتصالات بيننا وبين بعض زعماء سوريا حول الاتحاد بالصورة الدستورية ولكن معارضة نوري السعيد الذي كانت له الأكثرية في البرلمان لسياستي في الاتحاد مع سوريا حملتني على الاستقالة وهي كانت السبب الرئيسي المباشر لاستقالتي.
5 - كلف نوري السعيد بتشكيل الوزارة بعدي وكلفني بالاشتراك معه فاعتذرت وكان موضوع الاتحاد أحد الأسباب الأساسية للاعتذار فلم يشكل الوزارة.
6 - كلف أرشد العمري بتشكيل الوزارة بعدي فقبلت الاشتراك معه على أساس حل المجلس والسير في موضوع الاتحاد مع سوريا.