إلى الدراسة الدينية، فدرس قواعد اللغة العربية والمنطق وسطوح الفقه والأصول في مدة أربع سنوات وفي سنة 1367 انتقل إلى مدينة قم فدرس على الشيخ مرتضى الحائري والسيد البروجردي والسيد محمد تقي الخونساري وغيرهم. وكان خلال ذلك يتولى التدريس في بعض المدارس المتوسطة الحديثة، وكان قد اتقن اللغة الإنكليزية فنوى الالتحاق بإحدى الجامعات البريطانية، ولكنه حضر مرة درس السيد محمد حسين الطباطبائي في الفلسفة الاسلامية فاستهواه هذا الدرس وقرر متابعته ولما وقعت احداث 1962 و 1963 م كان له فيها دور بارز لا سيما في كتابة البيانات، لذلك اعتقل على اثر الأحداث الدموية التي عرفت باحداث (15 خرداد). وتحدث عنه السيد علي خامنئي رئيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية الذي كان زميله في الدراسة في قم، في تلك الفترة، تحدث عنه بمناسبة مرور ذكري اغتياله فقال من حديث طويل: (وشهرته كانت تعود إلى اتجاهاته الفكرية الناصعة النيرة والتقدمية.
هذا فضلا عن نبله وخلقه الرفيع الذين اتسم بهما بين مدرسي الحوزة العلمية، وتطورت العلاقات بيننا حينما قام بفتح صف دراسي ودعا جمعا من افراد الحوزة للمشاركة فيه من أجل التعرف على العلوم والمعارف الحديثة وكنت أحد من شاركوا في هذا الصف. وبالطبع فإن أصدقاءنا المشهورين اليوم أغلبهم من مجموعة الثلاثين الذي جمع الصف المذكور شملهم). ثم يذكر السيد خامنئي انتقال السيد بهشتي من قم إلى طهران، ثم انتقاله إلى ألمانيا - كما سيأتي - ثم عوده منها إلى طهران وكان السيد خامنئي قد انتقل إلى (مشهد).
ثم يستأنف السيد خامنئي كلامه قائلا: (ربطتنا معا صلة تشاور مستمرة حول الشؤون الخاصة بالقضايا الاسلامية وعرض المفاهيم والمعارف الاسلامية على الجيل الحديث وتوثيق الأواصر معه، وكنت على اتصال دائم معه وكنت آتي إلى طهران للقائه وكان هو يأتي إلى مشهد مرة واحدة في كل عام. وبعد مضي سنوات بدأنا عملا مشتركا مع عدد آخر من الاخوة أدى إلى تشكيل الحزب في آخر المطاف) انتهى.
وهكذا يتبين أن نواة حزب الجمهورية الاسلامية - الذي كان المترجم في الواقع عميده - كان وجودها سابقا لانتصار الثورة، ولم يكن ينقص الحزب إلا إعلان وجوده. لهذا لم يرتبك رجال الحزب عند مفاجأتهم بانتصار الثورة، بل كانوا منسجمين كل الانسجام. وكان الحزب منظما ومعدا اعدادا حسنا لتولي مسؤوليات الانتصار، لذلك نراه يستولي بسهولة على الحكم وينفرد به مطبقا برنامجه الذي كان قد أعده للحكم الاسلامي.
وكان المترجم خلال دراسته في الحوزة العلمية في قم يتابع دراسة منهج الشهادة الثانوية التي تؤهله لدخول الجامعة حتى نجح في نيلها فانتسب إلى كلية الإلهيات فحصل منها على شهادة (الليسانس) ثم شهادة الدكتوراه. وكان المرجع الأعلى في قم السيد البروجردي قد اهتم بانشاء مسجد جامع للجالية الإيرانية الكثيرة العدد في مدينة (همبورغ) بألمانيا وان لا بد لتلك الجالية ممن يقوم على شؤونها وشؤون المسجد العتيد، فانتدب لذلك السيد بهشتي فسافر إلى همبورغ وأتم بناء المسجد ونظم له برامج اسلامية، وبعد أن كان اسم المسجد (مسجد الإيرانيين) حول اسمه إلى (المركز الاسلامي في همبورغ) وأصبح ملتقى للمسلمين جميعا وبعد إقامة حوالي خمس سنوات في ألمانيا عاد إلى إيران فمنعته السلطات من الذهاب إلى قم، ولكنه ظل يواصل نشاطه مع إخوانه في طهران حتى نجاح الثورة الإيرانية. ورحيل الشاه.
وحين قررت الحكومة الموقتة اجراء انتخابات (مجلس الخبراء) ليعد الدستور الإيراني الاسلامي كان السيد بهشتي عضوا فيه عن طهران. ثم كان رئيسا أعلى للقضاء.
وعن حادث انفجار المكتب المركزي للحزب واجتماع ذلك العدد الكبير من المسؤولين فيه يتحدث السيد خامنئي قائلا:
لقد كان ذلك الاجتماع في الواقع اجتماعا أسبوعيا بل كان محورا للسياسات الرئيسية لكافة أجهزة الحكومة، فقد كان اجتماعا حزبيا يحضره جمع من أعضاء المجلس المركزي للحزب وعدد من الأعضاء العاملين وممثلي الحزب في المؤسسات والوزارات ومجلس الشورى الاسلامي ولقد كنا جميعا في الاجتماعات السابقة ولولا انني كنت في المستشفى أثر حادث محاولة الاغتيال التي تعرضت لها لكنت من المشاركين في ذلك الاجتماع، وان أحد الألطاف الإلهية هو عدم وجود الشيخ هاشمي رفسنجاني (رئيس مجلس الشورى) والشيخ باهنر في ذلك الاجتماع وقد كان عدم وجودهما لأسباب خاصة.
محمد تقي بهار الملقب بملك الشعراء ولد سنة 1304 في مدينة مشهد وتوفي سنة 1370 في طهران.
انتقل إليه لقب (ملك الشعراء) من أبيه محمد كاظم الذي لقب بملك الشعراء للروضة الرضوية العلوية في مشهد الرضا عليه السلام وأصبح ملك الشعراء في تلك البقعة البهية ولقد حافظ على هذا اللقب ابنه المترجم وزاد عليه بما أوتى من كفاءة وعبقرية.
هو محمد تقي بهار الملقب بملك الشعراء ابن محمد كاظم صبوري ملك الشعراء، درس الأوليات من العلوم العربية والفارسية في مسقط رأسه على أبيه و على بعض أدباء خراسان المعاريف كما أخذ ينظم الشعر ولم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره وقد أصبح نظمه وهو في سن العشرين موضع إعجاب الأدباء والنقاد من المتضلعين باللغة الفارسية وآدابها في عصره.
وعند ما بزغت شمس النهضة الدستورية التي عمت جميع أنحاء إيران منذ العشرة الثانية من القرن الرابع عشر الهجري وأعلن الدستور الإيراني سنة 1324 كان المترجم على رأس من ولج ميدان الكفاح السياسي والنضال الاجتماعي في محافظة خراسان، رافعا راية هذه النهضة مستعينا بشعره الحماسي ونثره المنسجم، مناضلا عن الدستور ومشتركا في المنتديات والمجتمعات السياسية والأدبية التي كانت تعقد في مدينة مشهد. وكانت الصفة الغالبة على شعره ونثره الانتقاد اللاذع للأوضاع السائدة و الاستنهاض الملح للطبقة المنورة وإثارة الرأي العام وتأييد الأحرار في نضالهم الحاد وكان عمره لما يتجاوز العشرين سنة عندئذ، كما أنه أصدر في نفس هذا الوقت في مدينة مشهد جريدة باسم (نوبهار) أي (الربيع الجديد) ثم جريدة (تازه بهار) أي (الربيع الطازج) وقد أصبحتا مرآة تعكس آراءه ونظرياته، كما ثابر على إصدارهما سنوات في هذه المدينة المقدسة.
ولم يكد يبلغ السن القانونية حتى انتخب نائبا عن محافظة خراسان فانتقل بحكم الضرورة إلى العاصمة طهران ونقل جريدته نوبهار أيضا من مشهد إلى العاصمة و استأنف إصدارها فيها فضلا عن أنه أصبح يحرر في صحف أخرى كانت تصدر في طهران وصار من رجال السياسة المعروفين في