ومن ههنا يخرج إلى المديح فاضربت عنه خوف الإطالة، ولم يكن المقصود إلا إثبات شئ من نظمه ليستدل به على طريقته فيه.
ومن شعره أيضا:
هل الوجد خاف والدموع شهود * وهل مكذب قول الوشاة جحود وحتى متى تفنى شئونك بالبكا * وقد حد حدا للبكاء لبيد وإني وإن خفت قناتى كبرة * لذو مرة في النائبات جليد وكان بين أبي السعادات المذكور بين أبي محمد الحسن بن أحمد بن محمد ابن جكينا البغدادي الحريمي الشاعر المشهور تنافس جرت العادة بمثله بين أهل الفضائل، فلما وقف على شعره عمل فيه قوله:
يا سيدي والذي يعيذك من * نظم قريض يصدا به الفكر مالك من جدك النبي سوى أنك ما ينبغي لك الشعر وشعره وماجرياته كثيرة وكانت ولادته في شهر رمضان سنة خمسين وأربعمائة.
ورام بن أبي فراس الحلي (1) أبو الحسين ورام بن أبي فراس عيسى بن أبي النجم بن حمدان بن خولان.
وهو من بيت رفيع من الأكراد الجاوانيين الحليين المستعربين. والجد الأعلى لهذا البيت هو الأمير ورام الكردي الجاواني، وقد انجب هذا البيت رجالا تولوا اعمالا عسكرية وإدارية مثل الأمير أبي الهيج عبد الله بن الحارث بن ورام (2) ممدوح ابن جيا الشاعر الحلي، ومثل الأمير ابن مجير الدين جعفر أخي المترجم وابن أخيه حسام الدين بن جعفر.
ان للوراميين مصاهرة مع الأمراء المزيديين ومع بعض الأسر العلمية، فقد كان أبو النجم جد المترجم ابن خال الأمير سيف الدولة المزيدي، وكان الشيخ أبو جعفر الطوسي متزوجا بنت مسعود بن ورام، وكانت أم السيد رضي الدين بن طاووس بنت ورام، وهي تنتهي بالنسب من جهة الأم إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي من زوجته بنت مسعود بن ورام، وكذلك أم ابن إدريس الحلي ينتهي نسبها من قبل الأم إلى الشيخ الطوسي من زوجته بنت مسعود بن ورام.
نشأ المترجم أول الأمر على طريقة أهل بيته فتربى تربية عسكرية، وصار أميرا من الأمراء العسكريين، ثم ترك سلك الجندية وزهد في الدنيا وانصرف إلى الدراسة والعلم.
قال ابن الساعي في المختصر: أبو الحسن ورام بن أبي فراس الحلي شيخ زاهد متعبد، كان أولا جنديا على طريقة سوية، فهداه الله تعالى إلى التوبة والإنابة فتحرك جميع ما كان فيه ولزم باب الله عز وجل وانعكف على الخير والعبادة وقراءة القرآن المجيد ومداومة الصوم وكثرة الصلاة نافلة، معظم في أعين الناس وصار تقصده الأكابر للتبرك به، توفي يوم الجمعة وحمل إلى الكوفة فدفن في مشهد علي عليه السلام (3).
وقال فيه منتجب الدين: شاهدته بالحلة فوافق الخبر الخبر اه يروي الشهيد عن محمد بن جعفر المشهدي عنه. له من المؤلفات (تنبيه الخواطر ونزهة الناظر) قال عنه صاحب أمل الآمل ان فيه الغث والسمين. وكتاب (المجموعة) وهو في الاخلاقيات لطيف مشهور مشتمل على أحاديث جمة وردت في مراتب الموعظة الحسنة والحكمة عن أهل بيت العلم والمعرفة لكنها في الأغلب من المقطوعات والمراسيل، أو من جملة كلمات من ليس عليهم التعويل (4).
وقال ابن الأثير في الكامل: توفي سنة 605 بالحلة العالم الزاهد ورام بن أبي فراس، ولم يذكر ابن الأثير مكان دفنه.
يحيى بن محمد القرشي قال اليافعي في الجزء الرابع من كتابه (مرآة الجنان) وهو يتحدث عن وفيات سنة 668:
فيها توفي قاضي القضاة أبو الفضل يحيى ابن قاضي القضاة أبي المعالي محمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة منتجب الدين القرشي الدمشقي الشافعي، تفقه على الفخر ابن عساكر وولي قضاء دمشق مرتين وكان صدرا معظما معروفا بالفضائل.
وقال الذهبي له في ابن العربي عقيدة تجاوز حد الوصف. قال وكان يفضل عليا على عثمان ثم نسبه إلى التشيع، وجعل التفضيل المذكور كالعلة لتشيعه قلت وهذا من الذهبي العجب العجاب، أما علم أن جماعة من أكابر أئمتنا المحققين ذهبوا إلى تفضيل علي على عثمان، منهم الأئمة الأجلة سفيان الثوري ومحمد بن إسحاق والحسين بن الفضل، بل هو منسوب إلى أهل الكوفة قاطبة، ولهذا قال الإمام سفيان الثوري لما سئل عن اعتقاده في ذلك: أنا رجل كوفي. وقد أوضحت رجحان الدليل على هذا في كتاب (المرهم) في الأصول وأن عليا رضي الله عنه اجتمع فيه من الفضائل في آخر عمره ما لم يكن في أوله، وقد قدمت قصيدة ذكرت فيها التفضيل المذكور والإشارة إلى فضائل الكل منهم رضي الله تعالى عنهم في ترجمة علي كرم الله وجهه. ولكن لو نسب إلى التشيع بسبب ما ذكر عنه في تاريخه من أنه هو القائل البيتين اللذين ذكرهما في كتابه ونسبهما إليه كان أنسب إذ في ذلك التصريح أن عليا رضي الله تعالى عنه هو الوصي حيث قال:
أدين بما دان الوصي ولا أرى * سواه وإن كانت أمية محتدي ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت * وساء بني حرب هنالك مشهدي يزدن الأمير القائد التركي قال ابن الجوزي في المنتظم: كان من كبار الأمراء وتحكم في هذه الدولة وتجرد للتعصب فانتشر بسببه الرفض وتأذى أهل السنة، فمرض أياما بقيام الدم وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة (568) ودفن في داره بباب العامة ثم نقل إلى مقابر قريش.
وذكر ابن الأثير في حوادث سنة 562 وفاة قماج المسترشدي والد الأمير يزدن قال: وهو من أكابر الأمراء ببغداد، كما ذكر وفاة يزدن، قال: وفيها - يعني