مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
اليتيم أن يقهر والأيم. ما قد من أديم آدم أطيب من أبيهم طينة، ولا أخذت الأرض أجمل من مساعيهم زينة... " الخ.
وتسترسل الفصول على هذا النمط من العبارة، ويستفيد الكاتب من ثقافته اللغوية والأدبية والتاريخية، ومن الثقافة العامة أيضا ليوظف ذلك كله في فصوله، فيعطيها رصيدا ضخما من الإشارات والإحالات، وليمزج النص النثري بألوان شعرية مختلفة. وقد استغل الأبيات الشعرية ذات الأغراض المتعددة المتباينة فوجهها لتزيد النص - على ما قصد إليه - إثارة وإحكاما، قال في الفصل الثاني:
" يا لك من أنجم هداية، لا تصلح الشمس لهم داية. كفلتهم في حجرها النبوة (ذرية بعضها من بعض). سرعان ما بلي منهم الجديد وغري بهم الحديد. نسفت أجبلهم الشامخة، وشدخت غررهم الشارخة، فطارت بطررهم الأرواح، وراحت عن جسومهم الأرواح، بعد أن فعلوا الأفاعيل، وعيل صبر أقتالهم وصبرهم ما عيل!
يود أعداؤهم لو أنهم قتلوا * وأنهم صنعوا بعض الذي صنعوا تذامروا والردى موجه يلتطم، وتوامروا والقنا يكسر بعضه بعضا ويحتطم.
فإن يكونوا ما عرجوا في مراقي الملك فقد درجوا في مهاوي الهلك.
ونحن أناس لا توسط بيننا * لنا الصدر دون العالمين أو القبر وعلى هذا فقد نجموا ونجبوا مع الحتوف الشداد والسيوف الحداد، والتمر أنمى على الجداد. ما أعجب كلمة أبيهم ظهر صدقها فيهم: " بقية السيف أنمى عددا وأنجب ولدا "، (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا).
رضوا في ذاته رضا، فمشوا إلى الموت ركضا " إنا والله لا نموت حبجا كما يموت بنو مروان ".
تسيل على حد الظباة نفوسنا * وليست على غير الظباة تسيل وخلاصة القول:
- إن ما كتبه ابن الأبار في (درر السمط في خبر السبط) هو نثر فني يعبر عن موضوع تاريخي، مزجه الكاتب بطاقة وجدانية عارمة، وأعد له قدرا كبيرا من الإشارات ووجوه الاحتجاج والاستشهاد، وعرض فيه براعته الفنية عرضا معجبا، وإن أثقل النص باختياره الأسلوب الشائع في زمانه من القيود البديعية والتلميحات الواسعة والاتكاء على النصوص التراثية.
- والكتاب: ذو مقصد واحد واضح، أدى التعبير عنه بنثر فني مزوق منمق متقن.
- والعبارة منمقة، مسجوعة، تعتمد - بالإضافة إلى السجع - على ضروب من الجناس، وقد يخرج الكاتب في الفواصل (أواخر السجع) إلى لزوم ما لا يلزم، كقوله من الفصل الحادي عشر:
" إلى البتول سير بالشرف التالد، وسيق الفخر بالأم الكريمة والوالد. حلت في الجيل الجليل، وتحلت بالمجد الأثيل ثم تولت إلى الظل الظليل... ".
- ويتعانق الشعر والنثر في الفصول كلها. ومعظم الشعر من قصائد مشهورة قديمة، ليست أصلا من الشعر الذي قيل في المناسبات التاريخية ولا هو من الشعر الذي قيل في النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما وظفه الكاتب ليكون مجاريا للسياق، مناسبا للكلام، متداخلا مع النثر ليعطي الإحساس المطلوب، ويساعد على ظهور المقصد، ويرتفع بالقارئ إلى درجة التأثر القصوى.
- والنص يحفل بالاقتباس، والاستشهاد بآيات القرآن الكريم، والتحلية بالأحاديث النبوية، والأخذ من أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم.
- والنص زاخر بالإشارات التاريخية والتلميحات إلى الخلفاء والقادة والأشخاص المعاصرين ذوي الشأن.
- وأسلوب ابن الأبار في هذا الكتاب أسلوب مقيد، مصنوع، قال فيه العبدري صاحب الرحلة إنه نحا فيه منحى ابن الجوزي.
قال في ص (271 - 272) في ترجمة الشيخ الفاضل أبي محمد بن هارون (من علماء تونس: " وقرأت عليه: درر السمط في خبر السبط لأبي عبد الله القضاعي، وحدثني به سماعا وقراءة، وهو جزء وضعه في مقتل الحسين رضي الله عنه نحا فيه نحو طريقة أبي الفرج بن الجوزي " قال: " وكنت أتكلم معه في تعقب مواضع منه فيعجبه قولي فيها "... ولم يبين لنا تلك المواضع التي كان العبدري ينتقد ابن الأبار فيها، ولعلها في الواقف التاريخية خاصة.
ومعلوم أن بعض من ترجم لابن الأبار أخذ عليه بعض شططه في طريقة تناول أحداث من التاريخ أو في طريقة عرضها.
وللدارسين الباحثين من القدامى والمحدثين كلام في جوهر الكتاب وفي ألفاظ منه، وكلام آخر في الظروف التي أنشا فيها الكاتب كتابه تستحق أن تكون جزءا من دراسة واسعة أخرى عن النثر الفني في عصري المرابطين والموحدين.
وأزيد أمرا آخر هو أنني لاحظت أثر أبي عبد الله بن أبي الخصال، الغافقي الأندلسي أحد كتاب العصر السابق لابن الأبار في كتاباته، وفي درر السمط أيضا. وكان ابن أبي الخصال يعرف ب‍ (رئيس كتاب الأندلس) وكانوا يحفظون رسائله حفظا ويستظهرونها زيادة في الاعجاب بها والتأثر، والنسج على منوالها.
وعدا عن الكتب التي ذكرت في ترجمته فإن له من المؤلفات: (رسالة المسفى الجميل ومحاذرة المرعى الوبيل في معارضة فلقي السبيل). نشرها المنجد في (رسائل ونصوص).
وله ديوان شعر نشره الدكتور عبد السلام هراس في الدار التونسية سنة 1985.
وقد سردت كتب التراجم لابن الأبار أكثر من أربعين كتابا ورسالة وفي جملتها (معدن اللجين في مراثي الحسين) وهو كتاب مفقود وقد قال عنه الغبريني في عنوان الدراية: ولو لم يكن له من التآليف إلا هذا الكتاب لكفاه في ارتفاع درجته وعلو منصبه وسمو رتبته.
ويتوزع كتبه الاهتمام بالحديث والتاريخ والأدب والتراجم والفقه. وقد ألف ابن الأبار في تراجم الأندلسيين وأخبار بلادهم كتبا مهمة ضاع كثير منها، وبقي القليل.
الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله الشويكي توفي سنة 1254.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301