أبو منصور محمد بن المبارك الكرخي المنشد. ذكره في وفيات سنة 598 ووصفه بما يأتي:
" حافظ للقرآن المجيد قرأه بالقرءات، جيد الأداء، طيب الصوت شجيه، كان يتشيع وينشد في المواسم والمشاهد المقدسة، ويعظ في الأعزية " (1).
فهذا مثال حسن لهذه الطبقة من القراء المنشدين في المواسم والمشاهد أو الواعظين في الأعزية، كما نراه في عصرنا هذا.
الدكتور محمد مهدي البصير ولد في الحلة سنة 1313.
فقد بصره صغيرا ومن هذا استمد لقبه (البصير). تلقى علومه الأولى في الحلة وقرض الشعر وهو ابن أربع عشرة سنة، وتولى منذ نشأته الخطابة الحسينية في الحلة ثم في بغداد، ثم ظهر على مسرح الحياة العامة سنة 1920 م بإلقاء عشرات الخطب والقصائد في بغداد حثا على القيام بالحركة الوطنية، وقد سجن ونفي في سبيل مبادئه السياسية مرارا عديدة.
عين محاضرا في الأدب العربي بجامعة آل البيت سنة 1925. وفي سنة 1930 أوفد إلى مصر للقيام بتتبعات علمية وأدبية واجتماعية. وفي سنة 1931 سافر إلى فرنسا فمكث فيها ستة أعوام نال في نهايتها شهادة الدكتوراه في الأدب الفرنسي. وفي سنة 1938 عاد إلى بغداد فعين أستاذا للأدب العربي بدار المعلمين العالية حتى أحيل إلى التقاعد.
مؤلفاته:
تاريخ القضية العراقية في جزئين. بعث الشعر الجاهلي. الموشح في الأندلس وفي المشرق. البركان وهو مجموع شعره السياسي. زبدة الأمواج وهو ديوان يحتوي على ما له في شتى أبواب الشعر وأغراضه. وله باللغة الفرنسية:
شعر كورني الغنائي.
شعره:
قال من قصيدة:
ولقد وقفت على شواطئ دجلة * متروحا مما بها أضناني ناجيتها وذكرت سالف مجدها * فبكيتها وهو الذي أبكاني وسمعت شكواها بصوت خريرها * فنزا فؤادي أيما نزوان لم تخفق النسمات بين ربوعها * إلا وقلبي لج بالخفقان وتجهمت أمواجها فكأنما * شعرت بما أنا في البلاد أعاني تتنفس الصعداء واجمة معي * فإذا كلانا في الجوى سيان لكنني نهنهت ماء محاجري * من بعد ما غرقت به أجفاني ومشيت أنتشق النسيم وإنما * أمشي بظل ذوائب الأغصان وقال:
لك يا شمس دولة في الفضاء * يصل الأرض حكمها بالسماء فوق سطح الغبراء مجدك عال * وهو أعلى في القبة الزرقاء تبعتك الكرات فاجتذبيها * تحت تيار قوة الكهرباء أنت ألفتها فكانت كشعب يطلب المجد عن طريق الإخاء فتوسطتها كأنك ملك * حف فيه جمع من الكبراء في فم الجو من سناك لسان * لا تباريه ألسن الخطباء كم وكم آية له بهرتنا * من بيان الطبيعة الخرساء طفح النور من جبينك لكن * صقلته لنا مجاري الهواء فابعثي في عقولنا كل نور * ولدي يا ذكاء كل ذكاء إن فعل القوى ليعلو ظهورا * بك مهما تبرقعت بالخفاء لست إلا كما روى العلم نارا * هددتها الأيام بالإنطفاء ثم يقول في هذه القصيدة:
نطلب العلم كي تنظم فيه * أو لتحمى مصالح الأقوياء نبتغي المال كي نعذب فيه * لا لنبقى لراحة وهناء ما فتحنا معاهد العلم إلا * وخططنا مصارع الشهداء أيها الساسة الأعاظم ميلوا * عن طريق الخيال والخيلاء أنصفونا منكم ومن سلطة النار * فقد جار حكمها في القضاء خلصوا الأرض من معارف قوم * عرضوها بأسرها للعفاء انظروها فكم جرت من دموع * بثراها ممزوجة بدماء فاعصموها ونزهوا العلم مما * أوجبته مقاصد الزعماء نشطوا النار في المصانع حتى * أكلتهم بساحة الهيجاء سلطوها على العدو فقال الحق * يا قوم كلكم أعدائي فامنعوا الابتكار فيها وإلا * ما لنوع الإنسان غير الفناء ما لمستحدث الوسائط للقتل * سوى قتله بها من جزاء جربوا فعلها به وامحقوها * فهو أولى بها من الأبرياء ذاك صل يستأصل الناس نهشا * ما لهم غير قتله من شفاء جال في خاطري اليراع ولكن * جاء يمشي به على استحياء عن لي واجب فناديت فيه * طوع رأيي ومن يلبي ندائي أين أين الروح السياسي مما * تقتضيه مبادئ الحكماء ربي من للضعيف رحماك يا * رب أعذنا من قسوة الرحماء ليت شعري من أين يلتمس الصدق * وهذي صداقة الأمناء لك يا غرب خطة رسمتها * نزغات الغرور والكبرياء آيستنا من كل ما نتمنى * من هناء نروده أو صفاء فتمهل فما يضيرك إلا * ما نرى من تغطرس العظماء فيك يا غرب علة الشرق عادت * بانقسام الأغراض والأهواء أيقظونا لغاية ثم قالوا * راقبوهم فالقوم في إغفاء ذهب الليل أسودا فانتبهنا * إذ أتى الصبح باليد البيضاء فسيشقى شعب ويسعد شعب * بانتقال السراء والضراء قيل أين السلام قلت لهم مات * وها كم له شجي رثائي رسمته صحيفة الكون سطرا * فأزالته سلطة الرقباء أتسير البلاد إلا لحرب * بعد حرب مرت بها شعواء سوف لا تترك الزوابع زهرا * في ربوع الحديقة الغناء وستروى منابت الزهرة الخضراء * لكن بالدمعة الحمراء طال ما غنت العنادل فيها * وستملي الرثا بعيد الغناء