مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٣٤
والذي حصل ان أحد الضباط انفعل ولم يسيطر على أعصابه ففتح نيران رشاشته على الملك وأفراد عائلته بشكل مباغت وأرداهم قتلى أمام ذهول الحاضرين من الضباط، بعد أن أبدى الملك وخاله عبد الإله الاستعداد لمغادرة العراق... وقد عاش هذا الضابط في كابوس متصل نغص عليه حياته، ثم أصيب بالصرع وأنهى حياته منتحرا. ثم أن الشعب العراقي قد حزن على مصرع الملك الشاب فعلا.
أما أنا فكنت كمحام أزاول المهنة في مدينة النجف، وكنت مسؤول فرع حزب الاستقلال فيها ومقرر فرع قيادة الجبهة الوطنية وعضو ارتباط مع قيادة الجبهة في بغداد. وجبهة الاتحاد الوطني (الجبهة الوطنية) التي ضمت الأحزاب السياسية العراقية العلنية والتي كانت تشكلت عام 1957، بعد أن خاضت نضالا مشتركا ضد (حكومة نوري السعيد) إبان العدوان الثلاثي على مصر في 1956.
وكنت قبيل الثورة في بغداد وكانت الأجواء السياسية ملبدة وغير طبيعية، وتنذر بحدوث شئ ما. فالإشاعات كثيرة، فطلب مني سرعة العودة إلى النجف.
وفي اليوم الثاني لقيام الثورة سافرت إلى بغداد وفي وزارة الدفاع التقيت بمحمد صديق شنشل وزير الإرشاد في حكومة الثورة وممثل حزب الاستقلال، كما التقيت عسكريين ومدنيين كانت تعج بهم وزارة الدفاع.
وكان الجميع وعلى رأسهم عبد الكريم قاسم في حالة ارتباك وقلق واضحين وذلك لهرب نوري السعيد (رئيس الوزراء) وما يمثل هروبه من مخاطر تهدد الثورة. كما كانت أخبار الحريق الهائل الذي شب في مصافي النفط في بغداد من جراء عمل تخريبي، تصل إلى المجتمعين في وزارة الدفاع فتزيد من حرارة الموقف واضطراب الأعصاب. عدت إلى النجف مزودا بالتوجيهات العامة مع حرية التصرف بعد أن عثر على نوري السعيد ولقي نهايته المعروفة. وبالنسبة إلى ضرورة الثورة يختلف الجواب باختلاف وجهات النظر حول تقييم المشاكل التي يجأر بها العراقيون يومئذ.
والوضع في العراق اختلف عنه في مصر ففي مصر وجد تنظيم واحد للضباط تولى القيادة وبناء الخلايا في مختلف الصفوف، أما في العراق فكان أكثر من تنظيم للضباط يعمل في وقت واحد، ولضمان جدية العمل ارتؤي أن تتوحد التنظيمات في قيادة واحدة بعد أن خرج من خرج وجمد نشاطه من جمد، لذا نجد أسماء تدخل ضمن القيادة (اللجنة العليا للضباط الأحرار) وأسماء تخرج منها كما جاء في الكتب التي ألفها بعض أعضاء القيادة.
وكذلك اختلف العدد، يزيد هنا وينقص هناك لنفس السبب، وقد يكون للأمزجة دخل.
وقد حرصت اللجنة العليا للضباط على عدم كتابة محاضر لجلساتها أو ترك أوراق خوفا من انكشاف أمرها، ولكن من خلال ما كتب بعضهم أو سمعته من البعض الآخر، عرفت أنهم اتفقوا على مبادئ أساسية وأهداف رئيسية تبحث في طبيعة النظام وشكل الحكم بعد الثورة، وذلك بالعودة إلى الشعب العراقي (بعد فترة انتقال) فتتشكل الأحزاب الوطنية بصحافتها الحرة وتجري الانتخابات للبرلمان ويسلم الحكم إلى الشعب (الحكم مدني)، حتى أن بعضهم قال أنهم اتفقوا (كأعضاء لجنة عليا) على عدم قبول أي منصب بعد نجاح الثورة. وأن تترك كل الأمور للشعب العراقي ولقواه وأحزابه الوطنية.
ولكنهم اتفقوا على قيام مجلس لقيادة الثورة (يضم أعضاء اللجنة العليا) جريا على خطى ثورة يوليو المصرية. هذا من حيث الكلام. أما من حيث الواقع والتطبيق فقد كان على النقيض تماما.
أما بالنسبة إلى الخلاف بين رجالات الثورة والذي سريعا ما دب، فالمسؤولية عنه، في المحصلة النهائية، يتحملها الجميع، كما طالت تبعاته الجميع أيضا، ولكن تظل الأنصبة تختلف كل حسب حجم دوره وإسهامه.
وقد اعتقد أعضاء اللجنة العليا للضباط الأحرار أن عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف قد سرقا ثورة 14 تموز، ذلك أنهما لم يبلغا بقية الأعضاء بساعة الصفر ووزعا خطة الثورة والأوامر والتعليمات على جماعتهما فقط وحجبا الخبر عن بقية التنظيم، وكانت النتيجة أنهما اقتسما المناصب الأساسية بعد نجاح الثورة: عبد الكريم قاسم رئيسا للوزراء، عبد السلام عارف نائبا لرئيس الوزراء، عبد الكريم قاسم قائدا عاما للقوات المسلحة، عبد السلام عارف نائبا للقائد العام للقوات المسلحة، عبد الكريم قاسم وزيرا للدفاع، وعبد السلام عارف وزيرا للداخلية بل إنهما اتفقا على عدم قيام مجلس قيادة الثورة كما كان مقررا من قبل اللجنة العليا للضباط. وامتصاصا لسخط زملائهما من أعضاء اللجنة العليا عهدا إلى إسناد مناصب لبعضهم، فعين العميد الركن ناجي طالب (عضو اللجنة العليا) وزيرا للشؤون الاجتماعية، وعين العميد الركن (عضو اللجنة العليا) محي الدين عبد الحميد وزيرا للمعارف، وعين العقيد الركن (عضو اللجنة العليا) عبد الوهاب الأمين ملحقا عسكريا في القاهرة، وعين العقيد المتقاعد رجب عبد المجيد (عضو اللجنة العليا) مديرا عاما في وزارة الإعمار، وعين العقيد المتقاعد رفعت الحاج سري مديرا للاستخبارات العسكرية، كما عين بقية الأعضاء في مناصب عسكرية ثانوية، فيما أشركت الجبهة الوطنية في الحكم من خلال ممثليها كوزراء.
وأصبح لمجلس الوزراء الذي يرأسه قاسم ونائبه عارف، في ظل عدم قيام مجلس قيادة الثورة، سلطات واسعة إذ بيده السلطتان التنفيذية والتشريعية، ولم يكن لمجلس السيادة المتشكل من ثلاثة أعضاء صلاحيات وكانت اختصاصاته شرفية وبروتوكولية.
والحقيقة أن الذي سهل على الحزب الشيوعي مهمته في التفرد وشجعه على السير في خطته التي اختطها، التصرفات غير المحسوبة التي كانت تصدر عن عبد السلام عارف. فالخطب التي كان يرتجلها أثناء تجواله في المدن والمحافظات أثارت الكثير من البلبلة. فرغم أنه لم يخف أفكاره ومعتقداته الوحدوية وكان يكثر من ذكر اسم جمال عبد الناصر في خطبه ويسميه " أخونا الأكبر "، كان يأخذه الحماس فيتفوه بعبارات تثير الضحك والسخرية مثل " جمهوريتكم هذه الهية، سماوية، خاكية "، أو " لا قصور ولا سيارات " أو " طاسة طاسة وبالبحر غطاسة " كما جاء في خطبته في البصرة. وتعرضت خطبه لمقاطعات وهتافات معادية كما حصل أثناء خطبته في الحلة، فقوطع خطابه وحصل اشتباك بين المحتشدين وكذا في أماكن أخرى وكأنها أمور مدبرة، كما كانت تصرفات عبد السلام بعيدة عن اللياقة أحيانا أو أنها تجافي الذوق السليم فأمدت المتقولين بمادة دسمة لتشويه صورته وتكذيب ادعاءاته وإضعاف مركزه كما حصل في الاحتفال الذي أقامته له الجبهة الوطنية في النجف.
كما سهل على الحزب الشيوعي مهمته أيضا أن جريدة " الجمهورية " التي صدرت بعد الثورة، وكان امتيازها باسم عبد السلام عارف، أخذت تبرز خطبه وكلماته وتنشر صوره بأحجام كبيرة فكانت هي الأخرى مادة حملها السعاة والرسل والناشطون الذين عرفوا طريقهم إلى أذن عبد الكريم قاسم الذي أصاغ السمع جيدا. وكان من مصلحة الكثيرين إزاحة عارف وما يمثله من تيار ليخلو الطريق لسالك جديد.
وهكذا أقيل من منصبه العسكري فصدر في 12 / 9 / 1958 قرار بإقالته من منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة. وبهذه الإزاحة سجل حاملوا
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301