الارتفاع. ثم تخلى عن الأعمال الإدارية ودخل المعترك السياسي وانتخب نائبا في المجلس النيابي، فكان فتحا جديدا في هذا المجلس بمعارضته وخطبه الفريدة التي لم يعهد مثلها المجلس من قبل إذ كان سعد أديبا موهوبا وخطيبا مفوها قبل أن يكون سياسيا ناجحا وبدأت من ذلك الوقت تتكون زعامته الشعبية. ولما اضطرت السلطات الحاكمة في العراق إلى استرضاء الشعب لم تجد وسيلة سوى استدعاء سعد صالح لتولي الحكم، فاشترط لذلك اطلاق الحريات وفي طليعتها تشكيل الأحزاب السياسية بعد أن كان تشكيلها ممنوعا، وأصر على شروطه فنزلت السلطات على تلك الشروط فأبيح تشكيل الأحزاب لأول مرة بعد المنع الطويل، فأسس مع اخوان له حزب الأحرار، وتولى هو وزارة الداخلية التي هي في كل الوزارات عصب الحكم. ولكن السلطات ضاقت به ذرعا بعد أن سار في تحقيق الحكم الشعبي أشواطا بعيدة، فأخذت تضع في طريقه العراقيل فاستقال من الحكم، وقاد المعارضة داخل المجلس وخارجه، فكانت مقالاته في جريدة الحزب نصوصا من أروع نصوص الأدب العربي السياسي. وفجأة تسلط عليه مرض عضال أعيا أطباء العراق، فقصد أطباء أوروبا فعجزوا عن معالجته فعاد إلى العراق وقد أخذ يذوي يوما بعد يوم حتى انتقل إلى رحمة الله سنة 1948 م، وهو في عنفوان نضوجه وتألق زعامته.
الدكتور سعيد نفيسي ابن علي أكبر ناظم الأطباء الكرماني ولد سنة 1314 وتوفي سنة 1386 في طهران.
من كبار الباحثين المؤرخين الإيرانيين. ومن أسرة أخرجت جماعة من الأطباء والسياسيين. وكان يجيد اللغة الفرنسية إجادة تامة. أتم دراسته في إيران ثم أكمل تخصصه في أوروبا، ولما عاد إلى طهران تولى تدريس الأدب والتاريخ في جامعة طهران. وفي سنة 1349 أصدر في طهران مجلة الشرق بالفارسية فنشر فيها المقالات العلمية والأدبية والدراسات التاريخية ومن مؤلفاته: 1 - آخرين يادكار نادر 2 - أحوال وأشعار رودكي طبع منه مجلدان 3 - أحوال وأشعار خواجوي كرماني 4 - أحوال وأشعار أفضل الدين كرماني 5 - شرح حال خيام 6 - شيخ زاهد كيلاني 7 - قابس ونامه 8 - يزدكرد سوم 9 - فرنكيس وفرهنگ فرانسة 10 - تاريخچه أدبيات إيران 11 - جستجو در أحوال وآثار شيخ فريد الدين عطار. وغير ذلك. وقد صدرت مجموعة من كتبه في الاتحاد السوفياتي باللغة الروسية. وإضافة إلى مؤلفاته المتقدمة فإن له كتاب (تاريخ الأدب الروسي) باللغة الفارسية، وكان عضوا في آكاديمية العلوم في إيران. واقتنى مكتبة يزيد ما فيها على عشرين ألف مجلد بينها أكثر من ألفي مجلد من المخطوطات. وعند وفاته شيع جثمانه من مدرسة سپهسالار تشييعا مهيبا ودفن في مقبرة (قبرآقا) جنوبي طهران.
سكينة بگم. المتخلصة في شعرها ب (عفت) ولد في بعلبك سنة 1911 م وتوفي سنة 1980 م في بيروت ودفن في بعلبك تلقى الدراسة الابتدائية في بعلبك والثانوية في مدرسة الجامعة الوطنية في عالية وأنهاها في الكلية العلمانية في بيروت. سافر إلى باريس سنة 1931 والتحق بجامعة الصوربون فنال شهادة دكتوراه الدولة في الحقوق وشهادة الليسانس في الآداب وشهادة الليسانس في قانون العقوبات من معهد العلوم الجزائية.
ثم عاد إلى لبنان سنة 1937 وفي العام التالي عين في القضاء اللبناني فظل فيه متنقلا في عدة وظائف ما بين 1938 و 1946 كان آخرها وظيفة نائب عام.
وفي سنة 1946 عين وزيرا مفوضا في إيران فتعلم هناك اللغة الفارسية وفي العام 1952 عين وزيرا للتربية والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية، ثم انتخب نائبا عن منطقة بعلبك - الهرمل سنة 1953 وفي سنة 1954 عين وزيرا للزراعة والبريد والبرق والهاتف، وفي سنة 1958 عين سفيرا في المملكة المغربية. وفي سنة 1963 عين سفيرا لدى الاتحاد السوفياتي، وفي سنة 1968 انتخب نائبا عن منطقة بعلبك - الهرمل. ثم عمل فترة في المحاماة إلى أن أصيب بمرض القلب فأقعده ذلك عن العمل حتى توفاه الله.
كان شاعرا كاتبا خطيبا، طبعت بعض مجموعاته الشعرية في حياته، وظل بعضها مخطوطا وهو يعد الآن للطبع. فمن المطبوع: 1 - آفاق، طبعت سنة 1949 2 - ألسنة الزمن، طبعت سنة 1951 3 - يا نافخ الثورة البيضاء، طبعت سنة 1970 4 - العدالة أما غير المطبوع فهو: 4 - أشواق 5 - إشراق 6 - الخليقة 7 - ألحان 8 - ألوان 9 - لبنان 10 - اشجان.
أما في النثر فقد طبع له: (آراء ومواقف سياسية) 1969. أما غير المطبوع فهو محاضرات ألقيت في عدة ندوات. ودراسات في الأدب والشعر باللغتين العربية والفرنسية، ومقالات أدبية وسياسية في الجرائد والمجلات.
شعره قال عندما استقال من القضاء لينتقل إلى السلك الدبلوماسي من قصيدة جعل عنوانها: (العدالة):
عشقناها، وان كانت عذابا * وأي مثالة ليست غلابا تباعد وصلها حتى تدانى * كانا قاصدون بها سرابا مقنعة المظاهر، مبتغاة * لجوهرها، تطاول أن تحابى لها عين مصوبة، نفاذ * إذا حدجت فرند السيف ذابا عشقناها، فما تبعت هوانا * ولا حسبت لما نلقى حسابا وأعطت من تشاء على هواها * ولم تانف لعمرك ان تعابا فلا حجبت عن الأعجام بابا * ولا فتحت على الأعراب بابا وشان النور للسارين هدي * إذا حم الدجى موجا عبابا عشقناها ممردة خلوقا * ترى الأطماع زائلة، هبابا فتاة حلوة عفا وضاء * طوالا بضة لدنا كعابا محصفة محكمة جنانا * ممنعة ممتعة شبابا مبلورة كأطياف الأماني * يسوق الخيرون لها الرغابا!
سل القاضي الوقور وما يعاني * بعصمتها فقد ذاق الصعابا ولا عجب إذا تاهت دلالا * وأرخت فوق طلعتها الحجابا فكنيتها العدالة، لا تبالي * عروس الحق تشترع النصابا!