الباحثين: تعرض المؤلف للمقارنة بين الكتابين وبين أوجه الشبه والافتراق والامتيازات التي يمتاز بها كل منهما عن الآخر، في دراسة تتسم بالصراحة والتجرد والموضوعية.
وعن كتابه (الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة) يقول باحث آخر: دفاع عن استقلالية الشيعة عن كل من الأشاعرة والمعتزلة، ردا على خطا يساوي الشيعة بالمعتزلة.
مجد الدين الصاحب هبة الله بن علي قال اليافعي في (مرآة الجنان) وهو يتحدث عن وفيات سنة 583: فيها توفي مجد الدين الصاحب هبة الله بن علي، ولي أستاذ دار للمستضئ، ولما ولي الناصر رفع منزلته وبسط يده، وكان رافضيا سبابا لما تمكن أحيا شعار الإمامية واشتهر بأشياء قبيحة فقتل وأخذت حواصله من جملتها ألف ألف دينار (انتهى).
بهذه اللغة يتكلم هذا المؤرخ ويفتري، وليس هو وحيدا في ذلك. وكان قد قال قبل ذلك وهو يتحدث عن أحداث سنة 582: قال محمد بن القادسي فرش الرماد في أسواق بغداد وعلقت المسوح يوم عاشوراء وناح أهل الكرخ وتعدى الأمر إلى سب الصحابة، وكانوا يصيحون به ما بقي كتمان. وقال غيره: وقعت فتنة ببغداد بين الرافضة والسنية قتل فيها خلق كثير، وكان ذلك منسوبا إلى الصاحب الملقب مجد الدين.
ثم يكمل الكلام عن أحداث السنة نفسها قائلا: وفيها قتل ابن الصاحب ببغداد فذلت الرافضة.
فهل هما رجلان، أحدهما هو الصاحب، والثاني هو ابن الصاحب، مات الأول كما يدل عليه ظاهر كلام اليافعي؟ أم هما رجل واحد سماه تارة بالصاحب وتارة بابن الصاحب كما قد يتبادر إلى الذهن؟
ولا يمنع من هذا ذكره قتل ابن الصاحب، ثم قتل الصاحب، فله في هذا نظائر في أقواله المتقدمة، إذ أنه اعتاد أن يذكر أخبار القتل ضمن الأخبار المتتابعة، ثم يذكر أسماء من ماتوا خلال ذكره الوفيات على أن الكتاب مشحون بالأغلاط المطبعية فربما كان هذا من تلك الأغلاط.
السيد أبو السعادات هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة الحسني، المعروف بابن الشجري، البغدادي مرت ترجمته في الصفحة 262 من المجلد العاشر ونضيف إليها هنا ما ذكره ابن خلكان:
كان إماما في النحو واللغة وأشعار العرب وأيامها وأحوالها، كامل الفضائل، متضلعا من الأدب، صنف فيه عدة تصانيف، فمن ذلك كتاب " الأمالي "، وهو أكبر تآليفه وأكثرها إفادة، أملاه في أربعة وثمانين مجلسا، وهو يشتمل على فوائد جمة من فنون الأدب، وختمه بمجلس قصره على أبيات من شعر أبي الطيب المتنبي تكلم عليها وذكر ما قاله الشراح فيها وزاد من عنده ما سنح له وهو من الكتب الممتعة، ولما فرغ من إملائه حضر إليه أبو محمد عبد الله المعروف بابن الخشاب المقدم ذكره، والتمس منه سماعه عليه، فلم يجبه إلى ذلك فعاداه ورد عليه في مواضع من الكتاب ونسبه فيها إلى الخطأ، فوقف أبو السعادات المذكور على ذلك الرد، فرد عليه في رده، وبين وجوه غلطه، وجمعه كتابا وسماه " الانتصار " وهو على صغر حجمه مفيدا جدا، وسمعه عليه الناس، وجمع أيضا كتابا سماه " الحماسة " ضاهى به حماسة أبي تمام الطائي، وهو كتاب غريب مليح أحسن فيه، وله في النحو عدة تصانيف " ما اتفق لفظه واختلف معناه " وشرح " اللمع " لابن جني، وشرح " التصريف الملوكي ".
وكان حسن الكلام، حلو الألفاظ، فصيحا، جيد البيان والتفهيم، وقرأ الحديث بنفسه على جماعة من الشيوخ المتأخرين مثل أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الصيرفي، وأبي علي محمد بن سعيد بن شهاب الكاتب وغيرهما.
وذكره الحافظ أبو سعيد بن السمعاني في كتاب " الذيل "، وقال: اجتمعنا في دار الوزير أبي القاسم علي بن طراد الزينبي وقت قراءتي عليه الحديث، وعلقت عنه شيئا من الشعر في المدرسة، ثم مضيت إليه، وقرأت عليه جزءا من أمالي أبي العباس ثعلب النحوي.
وحكى أبو البركات عبد الرحمن بن الأنباري النحوي، في كتابه الذي سماه " مناقب الأدباء " أن العلامة أبا القاسم محمود الزمخشري لما قدم بغداد قاصدا الحج في بعض أسفاره مضى إلى زيارة شيخنا أبي السعادات ابن الشجري، فمضينا معه إليه، فلما اجتمع به أنشده قول المتنبي:
وأستكثر الأخبار قبل لقائه * فلما التقينا صغر الخبر الخبر ثم أنشده بعد ذلك:
كانت مسامرة الركبان تخبرنا * عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر ثم التقينا، فلا والله ما سمعت * أذني بأحسن مما قد رأى بصري قال ابن الأنباري: فخرجنا من عنده ونحن نعجب، كيف يستشهد الشريف بالشعر والزمخشري بالحديث وهو رجل أعجمي؟.
وله شعر حسن فمن ذلك قصيدة يمدح بها الوزير نظام الدين أبا نصر المظفر بن علي ابن محمد بن جهير، وأولها:
هذي السديرة والغدير الطافح * فأحفظ فؤادك إنني لك ناصح يا سدرة الوادي الذي إن ضله * الساري هداه نشره المتفاوح هل عائد قبل الممات لمغرم * عيش تقضى في ظلالك صالح ما أنصف الرشا الضنين بنظرة * لما دعا مصفى الصبابة طامح شط المزار به وبوئ منزلا * بصميم قلبك فهو دان نازح غصن يعطفه النسيم وفوقه * قمر يحف به ظلام جانح وإذا العيون تساهمته لحاظها * لم يرو منه الناظر المتراوح ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا * فيه مراتع للمها ومسارح ظلنا به نبكي فكم من مضمر * وجدا أذاع هواه دمع سافح برت السنون رسومها فكأنما * تلك العراص المقفرات نواضح يا صاحبي تأملا حييتما * وسقى دياركما الملث الرائح أدمى بدت لعيوننا أم ربرب * أم خرد أكفالهن رواجح أم هذه مقل الصوار رنت لنا * خلل البراقع أم قنا وصفائح لم يبق جارحة وقد واجهننا * إلا وهن لها بهن جوارح كيف ارتجاع القلب من أسر الهوى * ومن الشقاوة أن يراض القارح لو بله من ماء ضارج شربة * ما أثرت للوجد فيه لواقح