في التطفيل أن يكون على موائد السادة القادة أو على موائد العلوج والأعراب كذلك كان هم الحوماني هو أن يكون على المائدة لا فرق بين مائدة الأمير عبد الله أو مائدة ذوقان الحسين.
وبعد ان امتلأ وطاب الحوماني في الأردن رأى أن الأردن وحده لن يحقق له مطامحه، والطموح - كما قلنا من قبل - يكون في معالي الأمور كما يكون في الكدية فمضى في فترة إلى العراق فكانت له فيه نفس الحياة على أن من اخزى ما فعله هناك أنه ارتبط باقطاعي معروف بعسفه وتسلطه على الفلاحين واستعباده لهم، وجنيه الأموال لا يبالي من حيث تجنى. ولو كان في جنيها قتل النفوس وارهاق العباد واغتصاب الأرزاق، فعكف الحوماني يمدحه ويثني عليه بالشعر ثم ألف كتابا ضخما اطلق عليه اسم ذلك الظالم القاتل السالب ووصفه بأعظم الصفات.
وبعد أن استنفد أغراضه في العراق انتقل إلى السعوديين يستعطي من أموال أثريائهم ما يستعطي، ثم سكن بلادهم يعيش على فتات موائدهم ويقف شعره عليهم لا سيما محمد سرور الصبان الذي نظم فيه ديوانا كاملا كله كدية وتملق سماه " معلقات "، طبعه سنة 1960 وهكذا انحدر بهذا الاسم الرفيع (المعلقات) من عليائه التي كانت له في الشعر الجاهلي إلى هذا المنحدر الزري فأصبح استجداء لرجل مثل محمد سرور الصبان كل ميزته أنه جمع أموالا بالطرق التي يجمع بها عبيد السعوديين أموالهم وحسبك بها من طرق. وكان الصبان هذا يكنى (أبو حسن).
فيقول فيه الحوماني فيما يقول:
أبا حسن نعماي ان احمد السرى * إليك وأدنو منك في كل ما أرى أرى كل ما يبدو لعيني لوحة * من الحسن ترقى بي إليك مصورا كأنك ألوان الحياة تزاحمت * على الفكر حتى صاع منهن عبقرا ومن الطريف ان الصبان هذا هو زنجي الأب ومن بقايا العبيد الذين تم اعتاقهم بعد الامتناع عن تعاطي الرقيق. وإذا كان المتنبي في مدحه لكافور لا ينكر سواد كافور فيعبر عن ذلك بتكنيته بأبي المسك فان الحوماني يتغزل بوجه الصبان ويتجاهل لونه الأسود ويرى في ذلك الوجه (لوحة من الحسن). ثم يبلغ به التغني بذلك الحسن أقصى مداه فيقول: أنه عندما يراه تتزاحم ألوان الحياة في فكره فتريه (عبقرا) قد صيغت بالصبان ووجهه الأسود.
ولا يدري الإنسان وهو يقرأ هذا الشعر أيضحك من هذه الصورة البشعة التي ال إليها عبقر والعبقرية في شعر الحوماني، أم يحزن لهوان الشعر هذا الهوان.
وبعد أن يتغزل بوجه الصبان الأسود في هذه القصيدة، يرى أن هذا التغزل غير كاف، وإذا كان المتنبي لا ينكر سواد كافور - كما قلنا - فإن الحوماني لا يعرض أبدا لذلك السواد بل يهيج فيه الغرام بذاك الوجه الفاحم الذي يراه توأما للصباح فيقول من قصيدة:
لكان وجهك والصباح كلاهما * فم توأم ينقض عن فم توأم ومن اضحك وأفجع ما قاله في معلقته بالصبان هذا البيت:
كأنك بدعة هذا الزمان * أما لاحداثه أو أبا يمكن ان يقال لأحد ابطال التاريخ انه أم أو أب لأحداث زمانه. ولكن يوم يقال لمحمد سرور الصبان أنه أم أو أب لأحداث الزمان ويكون القائل هو محمد علي الحوماني، فلا شك أن ذاك الزمان هو شر الأزمنة.
ولما تقدمت به السن ثقل على السعوديين فعاد إلى لبنان فلم يعش فيه طويلا، وننقل هنا بعض ما جاء في كتاب (مع الأدب العاملي) في الصفحة 25: (وربما كان الحوماني في نزعته الأخيرة أقرب أبناء هذه الطبقة إلى الجديد لو لم يتخذ الأدب وسيلة للتكسب) إلى آخر ما قال.
ونحن حين نترجم لهذا الشاعر فلكي نعطي صورة عن حالات بعض الشعراء، في فترة من الفترات، وهذا واجب على من يسجل تاريخ الأدب، فليس التاريخ دائما صورا مشرقة، وعلى المؤرخ أن لا يكتفي بعرض الصور المشرقة وحدها والا خان التاريخ.
وهذا الشاعر ليس فريدا في دنيا الشعراء، ولا نختص به نحن وحدنا لنخجل من ذكره، فعند الناس جميعا أمثال له.
الشيخ محمد علي خاتون مرت ترجمته في مكانها.
ذكر السيد أحمد الحسيني في مقال له في نشرة (تراثنا) التي تصدر في مدينة (قم) وهو يتحدث عن مخطوطات مكتبة الحاج هدايتي ان فيها مخطوطا باسم (ترجمة قطب شاهي) تأليف الشيخ محمد بن علي بن خاتون العاملي.
الشيخ محمد علي الصاحبي ابن محمد علي ولد في أصفهان سنة 1285 وتوفي في طهران سنة 1361.
من الأدباء الإيرانيين، كان يتخلص في شعره ب (عبرت) ويلقب ب (عارف علي). له: (نامه فرهنگيان) ترجم فيه لخمسة وثلاثين شاعرا في القرن الرابع عشر (مخطوط).
السيد محمد علي الجزائري ابن محمد عباس ولد في لكنهو (الهند) سنة 1298 وتوفي سنة 1360.
درس أولا في لكنهو ثم انتقل إلى النجف سنة 1325 فحضر على السيد محمد كاظم اليزدي والشيخ محمد كاظم الخراساني والشيخ ضياء الدين العراقي وغيرهم. ثم عاد إلى لكنهو فتولى إدارة المعهد العلمي الذي عرف باسم (شيعة عربي كالج) وتولى التدريس فيه فتخرج على يديه جملة من الأفاضل.
له: تخميس القصيدة العلوية باللغة العربية، والقصيدة في الأصل لوالده. شرح ديوان امرئ القيس باللغة الأردوية. رنات الطرب في قصائد العرب باللغة الأردوية. مزاعم العرب في الجاهلية، ديوان شعر باللغة العربية. ضبط الغريب من لغة العرب. الإفادات المحمدية وغير ذلك.
وهو والد السيد طيب من العلماء الفضلاء العاملين وقد تخرج من معاهد النجف ثم سكن في مدينة لاهور بالباكستان ثم استقر في مدينة قم بإيران.
الشيخ محمد علي المدرس التبريزي ولد في تبريز سنة 1296 وتوفي سنة 1373 ودفن في (الطوبائية) في تبريز.
درس على مشاهير علماء عصره، وكان بعيدا عن المظاهر والضوضاء الفارغة مؤثرا العزلة، وسكن في الاثنتي عشرة سنة الأخيرة من حياته في احدى غرف (مدرسة سبهسالار) في طهران منصرفا إلى ما أخذ نفسه به من البحث