وأعوزك اليسير وكنت فينا * ثمالا للأرامل واليتامى فقلت لها كذاك الدهر يجني * فقري وارقبي الشهر الحراما فإني سوف أدعو الله فيه * وأجعل مدح حيدرة اماما وأبعثها إليه منقحات * يفوح الشيخ منها والخزامى تزور فتى كان أبا قبيس * تسنم منكبيه أو شماما أغر له إذا ذكرت أياد * عطاء وابل يشفي الأواما وأبلج لو ألم به ابن هند * لأوسعه حياءا وابتساما ولو رمق السماء وليس فيها * حيا لاستمطرت غيثا ركاما وتلثم من تراب أبي تراب * ترابا يبرئ الداء العقاما فتحظى عنده وتئوب عنه * وقد فازت وأدركت المراما بقصد أخي النبي ومن حباه * بأوصاف يفوق بها الأناما ومن أعطاه يوم غدير خم * صريح المجد والشرف القدامى ومن ردت ذكاء له فصلى * أداءا بعد ما كست الظلاما وآثر بالطعام وقد توالت * ثلاث لم يذق فيها طعاما بقرص من شعير ليس يرضى * سوى الملح الجريش له إداما فرد عليه ذاك القرص قرصا * وزاد عليه فوق القرص جاما أبا حسن وأنت فتى إذا ما * دعاه المستجير حمى وحامى (1) أزرتك يقظة غر القوافي * فزرني يا ابن فاطمة مناما وبشرني بأنك لي مجير * وأنك ما نعي عن أن أضاما وكيف يخاف حادثة الليالي * فتى يعطيه حيدرة ذماما سقتك سحائب الرضوان سحا * كفيض يديك ينسجم انسجاما ونام فرأى أمير المؤمنين عليه السلام فتلاها عليه، فقال له: الساعة تخرج فانتبه فرحا وجعل يجمع رحله. فسأله من كان معه، فقال: الآن أخرج.
فظنوا به الاختلال وتغير العقل، فطرق باب السجن ودعي إلى الناصر، فخرج وأخبره (2) الرسول أنه وجده متهيئا للخروج فلما مثل بين يديه قال:
أخبرت أنك عند مجئ الرسول إليك كنت متهيئا للخروج. قال: نعم. ومن أعلمك باطلاقك؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام. وحكى له القصة. فقال الناصر: صدقت إني رأيت أمير المؤمنين - عليه السلام - في منامي فأمرني باطلاقك في هذه الساعة وتوعدني إن تركتك للصبح. ثم أعطاه ألف دينار وأعاده في محله من الديوان ورد إليه ما صادره (3) عليه " قال الشيخ محمد السماوي: " أقول:
ولم أقف على ترجمة مجد الدين هذا ولعلني أقف عليها فيما بعد " (4). قال مصطفى جواد: ذكرت ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي وبغية الوعاة للسيوطي فمن السهل الوقوف على ترجمته.
ولشرف الدين محمد بن عنين الشاعر الدمشقي المشهور في مدح مجد الدين ابن جميل:
وقالوا غدت بغداد خلوا وما بها جميل ولا من يرتجى لجميل وكيف استجازوا قول ذاك وقد حوت لنا الفضل شمس الدولة بن جميل الميرزا محمد هاشم بن محسن الأشكوري (5) علم من أعلام طبقة المتأخرين من الفلاسفة والعرفاء. والذي حدث بعد انتقال رائد الفلاسفة والمتكلمين صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي المعروف بملا صدرا إلى الرفيق الأعلى سنة 1050 ه (1640 م)، أن واصل الفكر نشاطه في حقل العلوم العقلية، فراجت الفلسفة واتسعت دوائر البحث في إيران عامة، وفي أصفهان على وجه الخصوص. فكان أن انتقل جماعة من الفلاسفة ومدرسي الفلسفة إلى العاصمة طهران، في مستهل القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي) حيث أنشأوا حوزة لتدريس الفلسفة والتصوف العلمي أو العرفان النظري. وكان من أبرز أساتذة هذه الحوزة: آقا محمد رضا القمشهي (1241 1306 ه) (1819 - 1889 م) وآقا علي المدرس (1234 - 1307 ه) (1819 - 1889 م) والميرزا أبو الحسن جلوة (1238 - 1316 ه) (1823 - 1896 م). والى هذه المدرسة أو الحوزة الطهرانية ينتمي علميا الميرزا محمد هاشم الأشكوري.
ولد في أشكور، احدى قرى مقاطعة جيلان شمالي إيران بالقرب من بحر قزوين، حيث درس المراحل التمهيدية. ثم انتقل إلى طهران لدراسة الفلسفة، فتلقنها من أئمة هذا الفن. وثمة التحق بمجلس آقا محمد رضا القمشهي ونبغ على يده وصار من ابرز تلامذته. ولم يلبث ان تربع على أريكة الأستاذ خلفا لأستاذه، في تدريس الفلسفة والتصوف. وظل يلقى دروسه في مدرسة سبهسالار حتى وافاه الأجل عام (1332 ه 1914 م) ودفن في مقبرة ابن بابويه في ضواحي طهران.
وقد تخرج على يد الأشكوري تلامذة أصبحوا بدورهم أساتذة حاملين لواء الفلسفة من بعده سدنة أمناء على التراث الفكري الاسلامي، من أشهرهم، ميرزا محمد علي الشاه آبادي الإصفهاني، وآقا سيد حسين البادكوبه ئي، وميرزا مهدي الآشتياني، والشيخ محمد حسين فاضل التوني، والسيد كاظم العطار، وميرزا احمد الآشتياني والسيد أبو الحسن رفيعي القزويني.
وللأشكوري حواش وشروح على بعض النصوص الفلسفية كما أنه حرر عدة رسائل في مجالات الفلسفة والتصوف. طبع منها حتى الآن:
1 - حاشية على مفتاح مفاتيح النصوص لصدر الدين القونيوي. طبعت طبعة حجرية في طهران عام 1316 ه (1898 م) كما طبعت أيضا ضمن عدة رسائل فلسفية وصوفية أخرى من جملتها: تمهيد القواعد لابن تركه (6) وحاشية محمد رضا القمشهي عليها ورسالة وحدة الوجود لأبي الحسن جلوة.
2 - حاشية على مصباح الأنس (7) طبعت على هامش المصباح طبعة حجرية في طهران عام 1323 ه (1905 م).
وله رسالة المراتب الخمس التي عثرنا عليا والتي كتبها أو استكتبها لنفسه تلميذه الشيخ محمد حسين الشهير بفاضل التوني (8). وهي رسالة رائقة الصفو شريفة في موضوعها قيمة في بابها. والظاهر أن الأشكوري أراد بأستاذية مستنيرة ان يزيد مسالة الوحدة الحقيقة وضوحا بإزالة ما قد يتوهم من اللبس بين الأحدية والواحدية في بعض الأذهان. وذلك بالقاء الضوء على المراتب الوجودية من حيث عددها الذي حدده بخمس مراتب ومن حيث جمعها