فرخة المولد، ما ارتاشت ولا * حام في جولها يوما عقاب وعجيب وهي درداء غدت * تتحدى من له ظفر وناب إنها مهزلة الدهر، فلا * عجب لو أكل الفأر الجراب وعلى الوضع التحيات إذا * ما انضوى نحل أو استشرى ذباب ما العلاج الصدق إلا ضربة * تصفع الطائش إن غاب صواب أين من ذاك الملبون الأولى * أن دعوا للبطشة الكبرى أجابوا للطعان المر ردوها فلا * يسترد الحق نوح أو نعاب ودعوني أفتح الشكوى لكم * وهي خطب لا يساويها مصاب ألف باب للخصومات يرى * حيثما يفتح للأحزاب باب وإذا ما ادارأت ما بينها * كان عقباها خصام واضطراب إنها غالبة مغلوبة * فعليها لا لها ذاك الغلاب صولة كانت لنا عامرة * هدها معولها فهي خراب طفحت آمالنا فانطفأت * مثل ما يطفح في كأس حباب فالدعايات مليئات بما * ينعش الآمال، والربع يباب طبلت دهرا فما حلت بها * عقد أو ذللت منا صعاب فظماء لم نزل وهي هيام * وخماص لم تزل وهي سغاب ولهى أشداقنا غصت بما * يختم الفم، وإن سال لعاب وكذا الشهد الذي نشتاره * فهو في العلقم والصبر مشاب إن هذا بعض ما جاءت به * من لهيب فاكتوى فيه الشباب إنما الأحزاب صفر فإذا * حميت بوتقة التقريع ذابوا أدباء العرب هذي نفثة * سألتكم هل لها منكم جواب؟
عبد الله بن الحر الجعفي، وبعضهم ذكره باسم عبيد الله مرت له ابيات في الصفحة 50 من المجلد الثامن ونذكر هنا ما يلي:
لما وصل الحسين عليه السلام إلى قصر بني مقاتل رأى فسطاطا مضروبا، فقال لمن هذا الفسطاط، فقيل لعبد الله بن الحر الجعفي، فأرسل إليه الحسين رجلا من عشيرته يقال له الحجاج بن مسروق، فأقبل فسلم عليه، فرد عليه السلام ثم قال: ما وراءك؟ فقال ورائي يا ابن الحر لك الخير، ان الله قد أهدى إليك كرامة ان قبلتها. فقال ورائي وما تلك الكرامة؟
فقال: هذا الحسين بن علي يدعوك إلى نصرته فإن أنت قاتلت بين يديه اجرت، وإن قتلت بين يديه استشهدت. فقال عبد الله: والله يا حجاج ما خرجت من الكوفة إلا مخافة أن يدخلها الحسين وأنا فيها فلا انصرنه لأنه ليس له بالكوفة شيعة ولا أنصار إلا مالوا إلى الدنيا إلا من عصمه الله منهم فارجع إليه فأخبره بذلك. فجاء الحجاج واخبر الحسين عليه السلام. فمشى الحسين حتى دخل على ابن الحر، فلما رآه قد دخل وسلم، وثب عبد الله وتنحى عن صدر مجلسه وقبل يديه. فجلس الحسين ثم قال: يا ابن الحر ما يمنعك أن تخرج معي. قال: أحب أن تعفيني من الخروج معك يا ابن رسول الله، وهذه فرسي المحلق فاركبها فوالله ما طلبت عليها شيئا الا أدركته وما طلبني الا فته، وادلاء من أصحابي حتى تلحق بأمنك، وأنا ضمين لك بعيالاتك أؤديهم إليك أو أموت أنا وأصحابي دونهم. فأعرض عنه الحسين عليه السلام وقال: لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك. ثم تلا قوله تعالى: (وما كنت متخذ المضلين عضدا). ثم قال الحسين عليه السلام أهذه نصيحة منك لي؟ قال: نعم. فقال الحسين: سأنصحك كما نصحتني: مهما استطعت أن لا تسمع واعيتنا، فوالله لا يسمع اليوم واعيتنا أحد ثم لا يعيننا إلا أكبه الله على منحريه في النار.
فتركه الحسين عليه السلام ورحل عنه، حتى إذا كانت واقعة الطف وقتل الحسين عليه السلام تداخله الندم وصار يظهر عليه ذلك في أشعاره، فمن ذلك قوله:
فيا لك حسرة ما دمت حيا * تردد بين حلقي والتراقي حسين حين يطلب بذلك نصري * على أهل الضلالة والنفاق غداة يقول لي بالقصر قولا * أتتركنا وتزمع بالفراق ولو اني أواسيه بنفسي * لنلت كرامة يوم التلاقي مع ابن المصطفى روحي فداه * تولى ثم ودع بانطلاق فلو فلق التلهف قلب حسي * لهم اليوم قلبي بانفلاق فقد فاز الأولى نصروا حسينا * وخاب الآخرون أولي النفاق وذكر ابن الأثير ان عبد الله بن الحر الجعفي تغيب عن الكوفة، وبعد مقتل الحسين صار ابن زياد يتفقد الأشراف من أهل الكوفة فلم ير عبد الله بن الحر، ثم جاءه بعد أيام حتى دخل عليه. فقال له: أين كنت يا ابن الحر؟ قال:
كنت مريضا، قال: مريض القلب أم مريض البدن. فقال: أما قلبي فلم يمرض وأما بدني فقد من الله علي بالعافية. فقال ابن زياد: كذبت ولكنك كنت مع عدونا. فقال: لو كانت معه لرئي مكاني، وغفل عنه ابن زياد، فخرج وركب فرسه، ثم طلب ابن زياد فقالوا ركب فرسه الساعة. فقال علي به، فاحضر الشرطة خلفه، فقالوا: أجب الأمير، فقال أبلغوه اني لا آتي إليه طائعا ابدا، ثم اجرى فرسه حتى اتى كربلاء فنظر إلى مصارع الحسين عليه السلام ومن قتل معه وإلى قبورهم فاستغفرهم لهم، ثم مضى إلى المدائن فقال: (الأبيات المنشورة في المجلد الثامن).
وقال في كتاب (الاعلام) عن موته: وكان معه ثلاثمائة مقاتل واغار على الكوفة واعيى مصعبا امره. ثم تفرق عنه جمعه فخاف أن يؤسر فألقى نفسه في الفرات فمات غرقا.
وقد شهد أولاد عبد الله بن الحر - وهم ثلاثة - وقعة دير الجماجم مع ابن الأشعث في ثورته على الحجاج.
السيد علي إبراهيم ابن السيد محمد ولد سنة 1911 م وتوفي سنة 1981 م في بيروت ودفن في أنصار كان قد كتب ترجمته بنفسه فقال:
ولدت في قرية أنصار (جبل عامل)، ولا تختلف نشأتي الأولى عن سائر المواطنين في جبل عامل، فقد جرت العادة يومذاك أن يبدأ تعليم الطفل في السنة السابعة عملا بحديث مروي (اتركه سبعا وأدبه سبعا) فعانيت من جهل معلمي سامحه الله وتأثير أسلوبه البدائي على نفسي وتفكيري، وبعد ذلك انتقلت لمدرسة القرية الرسمية، كان المعلم فيها شيخا قريبا في تفكيره ومنهجه من الأول، يعلم الطلاب الكبار منهم والصغار، سائر الدروس، وحده لا شريك له، ويرتفع مستواه بنظر المواطنين عن غيره ممن يتعاطى هذه المهنة فهو موظف رسمي راتبه من الدولة.
وقد صمم الوالد رحمه الله على إرسالي للعراق لطلب العلم الديني في