كربلاء والنجف وما جاورهما، ذلك الطبيب الحاذق والعالم المحقق والفقيه المدقق الذي خلف كثيرا من المؤلفات والرسائل ذات الفوائد العميمة. فهو السيد مهدي الحكيم بن السيد خليل إلى آخر نسبه الطاهر. وقد ولد في كربلاء وتوفي فيها سنة 1318 ه ودفن في مقبرة أسرة الحكيم المار ذكرها.
وقد أرخ بعض معاصريه الأفاضل وفاته بجملة (قد قضى المهدي من آل النبي).
ومن مؤلفاته التي انتقلت يدا بعد يد وخلفا عن سلف إلى حفيده السيد محمد صدر الدين:
1 - كتاب (هياكل الحكمة وصور النعمة) في الطب اليوناني في مجلد ضخم يربو على (600) صفحة - مخطوط.
2 - كتاب (تحف السلف ومعارج الشرف) على نمط الكشكول، مخطوط. وقد جاء في مقدمته أما بعد فيقول الأقل الأذل المفتقر إلى الأعز الأجل مهدي المشتهر بالطبيب بن الخليل الحسيني الحائري حرسه القريب (المجيب... الخ).
3 - كتاب (فقه الأطباء): مخطوط وللسيد الميرزا محمد علي المرعشي الشهرستاني الحسيني المتوفى سنة 1344 ه تعليقات مفيدة عليه.
4 - الرسالة الوبائية: مخطوط.
5 - مجموعة ديوان شعره. باللغتين العربية والفارسية. مخطوط.
6 - مسودات في اختباراته الطبية: مخطوط.
وقد خلف السيد مهدي أربعة أولاد أكبرهم السيد أحمد وثانيهم السيد محمد حسن (صاحب الترجمة) وثالثهم السيد محمد حسين ورابعهم السيد محمد علي.
كما ترك مكتبة غنية بأثمن الكتب الخطية وكان يضرب بها المثل لما احتوته من النسخ الخطية النفيسة ولا سيما الطبية منها، كقانون ابن سينا وكتاب تشريح المسبحى المكتوب سنة 717 ه والأوقيانوس في الهندسة وكتاب الاقليدس وتاريخ خطه سنة 753 ه وقد اطلعت على بعضها لدى ابنه السيد محمد حسن قبل أكثر من 35 سنة وخاصة نسخة كتاب قانون ابن سينا التي أتذكر أن تاريخها يرتقى إلى القرن السابع الهجري.
شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي محمد بن الحسن مرت ترجمته في الصفحة 159 من المجلد التاسع، ونزيد عليها هنا ما كتبه السيد علي خامنه إي رئيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية عن كتاب (اختيار الرجال) وكتاب (الفهرست) مقدما لذلك بمقدمة عن علم الرجال:
علم الرجال:
موضوعه وأنواع كتبه حتى أيام الشيخ والنجاشي بإجمال.
لعله من المفيد قبل ورودنا موضوع البحث، يعنى " التعريف بالكتب الأربعة الأصلية في علم الرجال وتقييمها " (1) أن نلقي نظرة إجمالية حول الموضوع، فنقدم نبذة تاريخية عن علم الرجال وفائدته.
تعريف بعلم الرجال:
يجدر بنا أولا، أن نذكر بان " فن الرجال " في هذا البحث، هو علم الرجال بمعناه العام، الذي يمكن تعريفه بأنه: " علم معرفة قبيل من الناس يشتركون في جهة خاصة، والاطلاع على أحوالهم أو أنسابهم أو تأليفاتهم أو بعض خصوصياتهم الأخرى " وعليه، فإن علم الرجال بمعناه الخاص، من فهرست وتراجم وأنساب ومشيخة جميعا مندرج تحت ذلك التعريف.
هذا، لأن علم الرجال في اصطلاحه الخاص، علم يبحث في معرفة رواة الحديث من حيث الاسم أو الأوصاف التي لها دخل في قبول أقوالهم ورواياتهم وردها. " فالفهرست " مجموعة تنتظم أسماء المؤلفين والمصنفين. " والمشيخة " عليها بيان أسانيد الحديث. و " التراجم " بصورة عامة هي شرح حال العلماء أو الرواة بدون الإشارة إلى ما يؤثر في الرواية من حيث القبول والرد من الجهات.
وعلم الرجال باصطلاحه الخاص، يقسم حسب الدواعي المختلفة إلى أقسام ومواضيع أكثر تحديدا، كما تختلف الكتب الخاصة بهذه الأقسام في شكلها. فبعضها كتب عامة شاملة لأسماء الرواة، لا تتعرض لتوفر الثقة فيهم أو عدمها، مثل، " طبقات الرجال " المحتمل تاليفه لأحمد بن أبي عبد الله البرقي (المتوفى سنة 374 أو 380)، وبعضها خاص بالممدوحين والمذمومين، مثل، كتاب ابن داود القمي (المتوفى سنة 368). والكتاب الأكثر تفصيلا منه أيضا لأستاذه أحمد بن محمد بن عمار الكوفي (المتوفى سنة 346). وبعضها يقتصر على أصحاب امام واحد، مثل، كتاب ابن عقدة (المتوفي سنة 332 أو 333) الذي ألف خاصة لأصحاب الإمام الصادق عليه السلام واشتمل على أسماء أربعة آلاف راو. كما أن بعضها نظر إلى جهات أخرى خاصة، ككتاب عبد العزيز بن يحيى الجلودي (المتوفى سنة 332) المشتمل على أسماء العدة من صحابة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذين رووا عن علي عليه السلام أو كتاب ابن زيدويه (2) في شرح حال " من روى من نساء آل أبي طالب ". وكتب أخرى نأتي إلى ذكر أسماء بعضها.
نبذة تاريخية عن هذا العلم وتطوره بالاجمال حتى زمان الشيخ النجاشي:
كان هذا العلم منذ القرون الأولى لظهور الإسلام محل عناية المسلمين، ثم اتسع مجاله بالتدريج حسب تزايد الاحساس بالحاجة إليه.
فلو أننا عرفنا علم الرجال بتلك العمومية التي سبق بيانها، بمعنى، اننا وسعنا اختصاصه إلى كتابة شرح الحال، فان سابقة هذا العلم تعود إلى النصف الأول من القرن الاسلامي الأول. ففي حدود سنة 40 الهجرية (3). جمع عبيد الله بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين علي عليه السلام أسماء العدة من أصحاب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذين ساهموا مع علي في حروبه وحاربوا في صفه.
والظاهر أنه هو أول من كتب كتابا في الرجال. والشيخ الطوسي ذكر هذا الكتاب في الفهرست باسم " تسمية من شهد مع أمير المؤمنين علي عليه السلام