في قليل أقل من لمح طرف * سبحات الجلال قد جلاها فدنا من مليكه فتدلى * بفنا حضرة تناهى علاها لم يكن بينه سوى قاب قوسين وذات الجليل جل ثناها ثم ناجاه ما هناك بما شاء يؤديه للبرايا شفاها وعلى كتفه امر يدا قد * أثلج القلب منه برد رواها وحباه من الكرامات ما لم * يحوها غيره ولا من سواها وإليه مفاتح الغيب ألقى * وأراه كنوزها فاحتواها لا رعى الله من قريش بغاة * ما رعته ولم يزل يرعاها ظاهرته ببغضها وتولت * عن هداه وتابعت طغواها قد أراها معاجزا ما رأتها * من نبي ولا الزمان رآها بذلت جهدها لاطفاء نور * منه لا زال بالهدى يغشاها فأباه إلهه إلا تماما * في علاه ونقصها وانتفاها عبد الله بن سلمة قال ما يسرني اني لم أشهد صفين، ولوددت أن كل مشهد شهده علي شهدته.
عبيد الله علي بن أبي شعبة الكوفي الحلبي في رجال ابن داود: له كتاب معمول عليه، وقيل إنه عرض على الصادق (عليه السلام) فاستحسنه وقال ليس لهؤلاء مثله. قال البرقي: كان متجره إلى حلب فغلب عليه هذا اللقب. وآل أبي شعبة بيت كبير في الكوفة له اخبار. وهو أول من صنف للامامية، ثقة.
السيد عبد المطلب الحلي ابن داود بن مهدي ولد في الحلة حوالي سنة 1280 وتوفي سنة 1339 في قرية (بيرمانة).
نشأ في الحلة وكان أكثر تحصيله الأدبي على عمه السيد حيدر، وأخذ منذ أوائل شبابه يمارس نظم الشعر حتى اجاده. وكان إلى جانب اشتغاله بالأدب يمارس الزراعة ويلتزم الأراضي الأميرية من الحكومة فحصل على ثروة كبيرة، ثم تقهقرت أحواله المالية حتى صار لا يملك شروي نقير، فوضعت الحكومة املاكه للبيع استيفاء لما عليه من الديون الحكومية، وكانت داره في جملة ما وضع للبيع فهزت الأريحية السيد محمد القزويني فاشترى الدار وسلمها لصاحبها.
وبعد أن جف نهر الحلة هاجر إلى النجف سنة 1324 على عهد الشيخ كاظم الخراساني، وكان هذا يدعو للحياة الدستورية في إيران فانضم لدعوته وصار شاعرها ومدح زعيمها الخراساني وهاجم شاه إيران محمد علي القاجاري هجاء مقذعا كما عرض بمن لم يكونوا مع الدعوة من رجال النجف.
ثم رجع إلى الحلة ومنها سافر إلى البصرة فاتصل بالسيد طالب النقيب وانضم إلى حركته اللامركزية، ونظم الشعر في تأييدها وهاجم الأتراك وقام بجولات في الفرات الأوسط دعما للحركة. ولكن لما أعلنت الحرب العالمية الأولى وخاضها الأتراك أخذ يؤيدهم ويحرض القبائل في الفرات الأوسط على محاربة الإنكليز وزار جبهات القتال في البصرة ولكنه لم يسلم منهم حين وقعت حادثة الحلة وهاجم القائد التركي عاكف الحلة وخرب دورها، فكانت دار المترجم فيما خرب (1) فاعتذر له الأتراك بان ما حصل كان خطأ ولما احتل الانكليز بغداد اعتزل في قرية (بيرمانة) التي كان له فيها بعض الأملاك وبقي معتزلا فيها حتى مماته (2).
ويقول الدكتور مهدي البصير أنه توفي هو واثنان من أبناء عمه في وقت واحد فكان هذه الأسرة التي طالما عركت الحياة وطلبت المجد والجاه والغنى وأصابت من كل شئ حظا لا باس به في فترات مختلفة من الزمن قد أرادت أن تودع الحياة دفعة واحدة لأنه لم تقم لها بعد أولئك الثلاثة قائمة حتى الآن.
شعره من شعره من قصيدة يشيد بها بموقف الشيخ كاظم الخراساني في الحركة الدستورية:
نصرت وداعي الجور خزيان واجم فما ذل مظلوم ولا عز ظالم غداة غشيت المستبد بلطمة على تاجه منها غدا وهو لاطم فولى وقد أعطاك للطعن كتفه فما اتت الا العدل للجور هازم إذا ما بنى للجور عرشا هدمته ومن ذا الذي يبني وذو العرش هادم فلو كان حرا ما استرق بجوره رقاب لها الاسلام بالعتق حاكم ولا أصبحت في القيد ترسف أرجل برتها فادمتها القيود الاداهم ولا اختار أرباب السفاه بطانة فأدني ذو جهل وأقصي عالم وله من قصيدة نظمها عندما هاجمت إيطاليا طرابلس الغرب سنة 1331:
أيها الغرب ماذا لقينا * كل يوم تثير حربا طحونا تظهر السلم للأنام وتخفي * تحت طي الضلوع داء دفينا أجهلتم بأننا مذ خلقنا * عرب ليس ينزل الضيم فينا ولنا نبعة من العز يأبى * عودها أن يلين للغامزينا قد قفونا آباءنا للمعالي * واليها أبناؤنا تقتفينا ومنها:
كيف ترجو كلاب (رومة) منا * ان ترانا لحكمها خاضعينا * دون ان نفلق الجماجم و * الهام بضرب يأتي على الدار عينا نبحونا مهولين فلما * ان زأرنا عاد النباح انينا حيث لم تجدها المناطيد نفعا * كلما حلقوا بها معتدينا كيف رعناهم الغداة بضرب جعل الشك في المنايا يقينا ومنها:
يا رسولي للمسلمين تحمل * صرخة تملأ الوجود رنينا