الشيوخ فقال من قصيدة:
شحذ (الحسين) قرائح الشعراء * وأثارها حربا بغير دماء وعداوة الشعراء نعم المقتني * لا ترهبنك عداوة الشعراء فقلت معلقا على هذه الناحية من قصيدته:
هانت لديك مكانة الشعراء * وحسبت أنك فارس الهيجاء آمنت فيك مثير أحلام الهوى * تنشي الخوالد في ربى " شقراء " أيام كنت تسير في درب العلى * وتثيرها حربا على الدخلاء وكفرت فيك رئيس مصلحة التقى * تذوي مع التدريس والإفتاء قل لي بربك أي حلبة شاعر * لم تك فيها حجة العلماء نصوا عليهم بالقضاء فهل ترى * نصا عليهم باقتسام الشاء نوهت بالفقراء يا ليت الهنا * يسمو ليدخل خيمة الفقراء لو أستطيع سكبت روحي بلسما * لجروحهم وكبحت عاتي الداء صدرت لي عدة كتب، تحدثت فيها عن أعلام الشعر والأدب بما وصل إليه علمي وبلغته معرفتي، وتحدثت عن الإمام علي بكتابي (في رحاب الإمام علي)، وعن سيد الشهداء الحسين بن علي بكتابي (في رحاب سيد الشهداء الحسين بن علي).
وبعد ذلك كله بعد أن طويت السبعين من عمري بعيدا عن ديار بها نشأت وتحت سمائها ترعرعت.
وقفت والحنين في نفسي أستعرض الماضي الجميل وآسي على الحاضر والمستقبل وأناجي قلبي ببعض الصور والذكريات قائلا:
يا خافقا أي المنى ومضها * ما علل الفكر بوهم عبر تصرم العمر وسفر الأسى * يمشي مع العمر جديد الصور ما غاب طيف الأمس عن خاطري * أستعرض الماضي فترنو الذكر تألق الحب بها ساعة * ما لاح نجم منه حتى استتر والسعد يأتي للفتى لمحة * تخبو كان الورد منها الصدر هذا خريف العمر ما ساءني * إن جاءني فيه القضا والقدر فالعيش بعد الحسن لا ينجلي * للعين إلا عن أسى أو كدر تناثر الزهر ومن لوعتي * تناثر الدمع فروى الزهر يا شعر إن أعطيتني نفحة * أغنيتني فيها بهذي الدرر فطالما رويت من مهجتي * للفن غرسا لذ منه الثمر وطالما صليت في وحدتي * للشعر أهفو للمعاني الغرر وطالما أوريت فيك السنا * من شعلة القلب ونور البصر ثم أجد بالايمان راحة وعزاء فأتوجه للنبي العربي بقولي:
يا وحي أحمد فجر طاقة العربي * وافتح لهم صفحة من سفرك الذهبي أودى أبو لهب في حسرة ومضى * واليوم فيهم ألوف من أبي لهب مالوا عن الدين واختاروا صيارفة * للجهل تتقن فن الزور والكذب تنازعوا فاستباح الخطب عزتهم * وأصبحوا موطنا للويل والحرب لم يجمعوا أمرهم فاجتاح لجهم * شعب تشرد مجهولا بغير أب والدهر يلهو بمن ترسو مطامعه على المنى ويروم الجد في اللعب تعاظم الخطب في لبنان وانبعثت * دهياء فيه تلف الرأس بالذنب وأوغل القوم بالتنكيل واحتقبوا * وزر الجرائم بالمسلوب والسلب الليل للقتل والتدمير والريب * والصبح يقذفنا في أفدح النوب نريده موطنا للخير مزدهرا * بالعلم يبعد عنه كل مغتصب ما زال ينزف والدنيا تشاهده * ما زال يقبض كذب السادة العرب وقد مرت له في هذا الكتاب قصيدتان رثائيتان (المجلد الخامس الصفحة 300) و (المجلد السادس الصفحة 354) كما مرت له كلمة في ترجمة الشيخ أحمد رضا، (المجلد الثاني الصفحة 465).
علي رضا عباسي بقلم: محمد عباس عبد الوهاب كان رضا مصورا مشهودا له بالبراعة، وقد ظل اسمه وآثاره الفنية في طي النسيان، ولم تعلم سيرته كما يجب إلا في العصر الحديث، حيث عكف مشاهير المستشرقين الألمان أمثال ساره وميتوخ وغيرهما من مؤرخي الفنون على دراسة حياته، والكشف عن مواهبه.
ورضا من الفنانين الذين عاشوا في أيام الشاه عباس الأكبر من سنة (985 - 1038 ه)، تلك الفترة التي عرفت بالعصر الذهبي للدولة الصفوية في إيران، إذ كان الشاه محبا للفن مشجعا للفنانين، ويقال: إنه أسس في أصفهان - عاصمة ملكه معهدا للتصوير (1)، كان يؤمه المصورون والخطاطون والمذهبون، فنشأت بذلك مدرسة جديدة للتصوير هي " المدرسة الصفوية الثانية ".
وبنى الشاه عباس قصورا في أصفهان، منها قصرا: " جهل ستون "، و " عالي قابو ". وقد وصف الرحالة الأوروبيون في القرن السادس عشر الميلادي جمال هذه القصور وجمال نقوشها وزخارفها وصورها البديعة التي منها مجموعات كبيرة من الرسوم الحائطية بالألوان المائية على الجص أو باللاكية، وقد استقدم بعض المصورين الأوروبيين، فعلموا إلى جانب الوطنيين في تصويرها على الطراز الإيراني والأوروبي، ولهذا تأثر التصوير الإيراني في عهده تأثرا قويا بالتصوير الأوروبي (2). وقد كشف عن هذه الصور حديثا، فأحدثت ضجة كبيرة في الأوساط الفنية وكان " جهل ستون " قد أحرق في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، فكانت الصور تالفة من جراء الرطوبة وتراب الحريق ودخانه، ولكن أمكن تنظيفها وإعادتها إلى الكثير من سالف رونقها، فأمكنت دراستها ودراسة خصائصها.
ويعتبر " رضا " من أعلام مصوري المدرسة الصفوية الثانية، بل هو صاحبها، فإليه يرجع الفضل الأكبر في خلق أسلوب جديد للتصوير في إيران بعد به بعدا تاما عن تقاليد العصور السابقة في هذا الفن، إذ تحرر من قيود اللون والزخرفة، كما تحرر من ملء الفراع وكثرة المناظر والأشخاص، مما كان يتميز بهما التصوير الإيراني، وبذلك خلق أسلوبا يعلوه طابع جديد هو اظهار الفراع والموضوع في جو من الرقة والبساطة.
ويجدر بنا أن نلقى ضوءا على حياة هذا الفنان قبل أن نتعرض لدراسة فنه، فحياة الفنان هي المؤثر الأول الذي يوجهه ويطبع إنتاجه بفلسفة خاصة به، هذا إلى جانب روح العصر ذاته، فإن لها أثرا أيضا في هذا التوجيه.
53. P, 1947, N Y, A Handbook of MUhamadan Art; S Dimand. M (1) 1388. P 1939, Oxford 2. vol, A Survey of Persian Art: U pope. A (2)