ولا نستطيع النظر إلى كتاب " وصايا الملوك " على أنه مجموعة من القيم التي سادت في مراحل مبكرة من التاريخ، فهو يحكي قصصا غابرة ينقل عبرها لونا تاريخيا مهما لا تجده في الكثير من كتب التاريخ، ومن ناحية أخرى فإن القصائد الطويلة التي ضمنها الكاتب لمؤلفه جعلت منه كتابا أدبيا أساسيا.
والكتاب أيضا يسرد الأنساب ويشرح العلاقة بين سلاسل نسب اليمن ما يعطي صورة واضحة عن الصلات بين القبائل اليمنية.
عبر " وصايا الملوك " هناك تصوير للحياة ما قبل الإسلام من جوانبها الأخلاقية. ولكن المؤلف عندما يسرد الوصايا فإنه يضع سلما للقيم يستحسنه أو يعتبره مطلبا للحياة التي عاصرها. وعلى رغم نسبة هذه الوصايا أو القيم للزمن الماضي فإننا لا نستطيع فصلها عن حاضر الشاعر، خصوصا أنه عاش حياة متقلبة واختلف مع الخلفاء العباسيين الذين عاصرهم. فالكتاب الذي يوثق للقيم السائدة في المراحل السابقة لحياة المؤلف يحمل نظرة نحو الحاضر، ليؤكد مكانة هذه القيم في الحياة خلال العصر العباسي الأول.
رجل من بني ليث.
حملت ميمنة أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل على ميسرة أهل البصرة ، فاقتتلوا ولاذ الناس بعائشة، أكثرهم ضبة والأزد، وكان قتالهم من ارتفاع النهار إلى قريب من العصر، ويقال إلى أن زالت الشمس، ثم انهزموا، فنادى رجل من الأزد: فروا، واستحر القتل بالأزد فنادوا: نحن على دين علي بن أبي طالب، فقال رجل من بني ليث:
سائل بنا يوم لقينا الازدا * والخيل تعدو أشقرا ووردا لما قطعنا كبدهم والزندا * سحقا لهم في رأيهم بعدا (1) ذو فقار الدولة نجف علي حين تولى الحكم في دهلي (الهند) أورنك عالم كير محيي الدين سنة 1069 حدث تطور خطير فقد هاجم هذا الملك بلاد الدكن وتغلب عليها بعد حروب دامية، وتظاهر بعداء الشيعة وأخرج علماءهم إلى البحرين وإيران والحجاز، وهاجر بعض امراء الدكن إلى دهلي وبلاد أخرى.
ومات أورنك زيب في اورنك آباد وخلفه ابنه شاه عالم بهادر شاه سنة 1119 وكان بهادر شاه على عكس أبيه شيعيا صريحا معلنا بالتشيع، فأمر بان يخطب في المساجد يوم الجمعة بأسماء الأئمة الاثني عشر.
وبعد زوال الضغط نشط الشيعة بالكتابة والتاليف رادين على من هاجمهم و طعن في عقائدهم.
وكانت الدولة في دهلي قد أصبحت في نهاية عهودها وبدأت الانتفاضات عليها والاستقلال عنها في المناطق والأطراف، كما قامت المشاحنات المذهبية، وبدأت الانقلابات في العاصمة نفسها، ففي كل يوم أمير جديد يتولى الحكم ثم ينتزع منه.
ومن بين هذه الزعازع نهض ذو فقار الدولة نجف علي، وكان بطلا صنديدا ذا شخصية قوية فقضى على الفتن وأصلح الفساد وأعاد النظام ووحد البلاد ورد بعض الشيعة المشردين. وعاد إلى الشيعة اطمئنانهم لأن ذا فقار الدولة كان شيعيا إيراني الأصل، وعاد التاليف والكتابة في الشيعة وإقامة الشعائر الحسينية، وبقي من أثر ذلك العصر كتاب (كربل كتا) أي قصة كربلاء وهو الكتاب الذي يمكن القول أنه أثر أبعد الأثر في تركيز اللغة الأردوية وارساء قواعد آدابها وإيجاد نثرها الفني.
وصاحب هذا الكتاب هو (ملا فضلي)، فضل علي، وقد كان أديبا متضلعا، ثم واعظا وخطيبا على المنابر الحسينية، وإلى جانب ذلك كان ممن يجيدون الكتابة العربية والفارسية، وهو ممن برزوا في عصر الاطمئنان عصر ذو فقار الدولة نجف علي.
وكتاب (كربل كتا) هو كتاب في المجالس الحسينية وفيما عرف باسم (المقتل) رتبه على اثني عشر فصلا، وفي كل فصل مجالس، وكل مجلس يشتمل على موضوع خاص، وهي هكذا:
المجلس الأول يشتمل على ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، المجلس الثاني على وفاة الزهراء (عليها السلام) والثالث على استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام، والرابع على شهادة الحسن عليه السلام والخامس على شهادة مسلم بن عقيل، والسادس على شهادة أولاد مسلم بن عقيل، والسابع على شهادة القاسم بن الحسن عليه السلام، والتاسع على شهادة العباس بن علي عليه السلام والعاشر على ذكر علي الأكبر، والحادي عشر على ذكر علي الأصغر، والثاني عشر على استشهاد الحسين عليه السلام وعلى الكتاب طابع واضح من كتاب روضة الشهداء لملا كاشفي الفارسي، ومنهجه منهج الكاشفي.
وملا فضلي صاحب الفضل المتقدم على سائر الكتاب، ومنهجه أقدم منهج أدبي صناعي، ففيه السجع والمحاسن البديعية والكلمات والآيات والأحاديث العربية، حتى أنه افتتح مجالسه بخطبة عربية، وفي خلال الكلام يورد أشعارا من الأردوية والفارسية.
وانتشر الكتاب وصار يقرأ ويسمع في الحسينيات ومجالس العزاء واطرد ذكره وكان تأليفه سنة 1145 (1733 م).
الشيخ راضي آل ياسين ابن الشيخ عبد الحسين ولد في الكاظمية سنة 1314 وتوفي في لبنان سنة 1372 ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف فدفن في مقبرة جده.
هو سليل الأسرة العلمية الشهيرة ووارث علمها وأخلاقها وورعها.
درس على أخيه الشيخ محمد رضا والشيخ محمد كاظم الشيرازي وغيرهما، ثم استقر في الكاظمية عالما جليلا وسيدا نبيلا، وقد كنت خلال وجودي في العراق ألقاه في بيته في الكاظمية فيما كان يسمي (بفضوة آل ياسين) فيروعني مجلسه بما كان يفيضه عليه من علم جم وخلق كريم وحديث ممتع، وبموته انطوت في الكاظمية صفحة من أنقى صفحات العلم والدين والتقى.
له من المؤلفات: 1 - أوج البلاغة، جمع فيه خطب الحسن والحسين (عليهما السلام).
2 - تاريخ الكاظمية مجلد كبير، نشر بعضه في مجلة الاصلاح البغدادية.
3 - صلح الحسن، مطبوع. وله شعر غير مجموع.