خريين تؤكدان نسبة الكتاب إلى الفراهيدي. وهذا ما يعتبره الدكتور قباوة دليلا قاطعا على هوية صاحب الكتاب.
ويخلص المحقق بعد تدقيق الكتاب إلى القول) " والذي تبين لي، من خلال مصاحبتي لهذا الكتاب ومدارسته، ومتابعة الخلاف الحاد بين نسخه المخطوطة، واختلاف مستوياته المنهجية والمذهبية والتعبيرية والاصطلاحية والاستدلالية. أن ما يتضمنه الآن هو مجموعة جهود من النحاة، لها أصل قديم محكم مختصر، تداولته أقلام المطلعين من النحويين في القرنين الثالث والرابع، بإلحاق بعض الموضوعات الرئيسية والمسائل والأحكام والأدلة والشواهد والتعليقات، فأصبح على هذه الصورة من التداخل والاختلاف...
ولذا فإن ما اتفقت فيه جميع النسخ من النص... يمثل أقرب مضمون للأصل الذي ضعه مؤلفه الأول. وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي، بلا شك أو تردد ".
ويرى الدكتور قباوة أن مصيرا مشتركا جمع بين كتابي " الجمل " و " العين " للفراهيدي " فقد عاش كتاب " الجمل " كما عاش كتاب " العين "، يقحم فيه تلاميذ الخليل ومن خلف من النحاة ما عن لهم، ويزودونه بالمعلومات المتلاحقة في نسخة المختلفة المتكاثرة، حتى وصلت إلينا هذه النماذج المضطربة المتشابكة، لا يجمع بينها إلا اسم الخليل ونصوص متفرقة في طيات الزيادات المتواليات مع الأيام. وكذلك لبثا حقبة من الزمن مجهولين أو كالمجهولين، ثم تناولتهما الألسن والأقلام بالطعن في النسب، والانتحال والادعاء لمن قارب أو شابه أو أراد ".
والواقع أن ما كتبه الدكتور قباوة في مقدمتيه للطبعتين الأولى والثانية من هذا الكتاب يعد نموذجا يحتذى في أصول التحقيق العلمي لكتب التراث، ولا سيما الجهد الذي بذله في توثيق نسبة الكتاب، وفرز ما للخيل عما لغيره ممن زادوا في كتاب الأصلي. ولم تمكنا هذه المراجعة السريعة إلا من استعراض جوانب قليلة مختصرة من جهده، فلابد لمن أراد التوسع والتعلم من العودة إلى المقدمتين في الكتاب.
الشيخ خليل مغنية مرت ترجمته في الصفحة 349 من المجلد السادس، ونزيد عليها هنا هاتين القصيدتين:
قال:
خمسون عاما قد مضت * هل ترجعن وليتهنه مرت كأنفاس الصباح * تذيع من نفحاتهنه هاتيك أزهار الربيع * تناثرت برياضهنه كانت عليهن الرياح * شديدة فنثرتهنه فبكى عليهن الكنار * بغنة وصلت بغنه كل الحياة هي الشباب * فكم له بالنفس رنه من لي يساعدني على * أيامه برجوعهنه ذهبت وآمال الرجوع * كومضة من نورهنه ودعتهن بأدمع * مزجت دما بجفونهنه في عارضي طلائع * أرجفتني بطلوعهنه بيض ولكن الكعاب * بغضبة لبياضهنه نفرت بنيات الصبا * لما بدت لوجوههنه وضحكن للنور المطل * وقد بكيت لضحكهنه وخطرن والنسمات تلعب * في ضعاف خصورهنه يمزجن من فرط * التدلل هزلهن بجدهنه يغرين كبار العقول * بقاصرات عقولهنه والشيب حد الملتقى * بين الوقور وبينهنه عفواك لست بمغرم * نصب الشباك لصيدهنه مثلي تنزه المكانة * أن يخف لمثلهنه ذي لهوة من شاعر * أرخى لفكرته الأعنة فأتى الخيال بباقة * قد نظمت من زهرهنه هيا لروضات الربى * نجري الدموع لحالهنه تلك المطامع أحرقت * زهراتها في نارهنه أني نظرت ترى الشحوب * يلوح في أنحائهنه صحراء تسقيها العيون * سحابة من دمعهنه هزتك يا جبل العلى * أيدي الطغام بفعلهنه صور كان وجوهها * للناظرين لها دجنه أشكال خزي كالقرون * السالفات وخزيهنه يا صبية الأكر التي * تعدو لها في سوحهنه سدت مهازلك الطريق * وليس في سير مظنه أيد معودة على * بذر الخنوع بمقهنه جعلت زخارف صنعها * يوم الحساب لها مجنه في كل ناحية أذى * من دونه وخز الأسنة إن الحوادث جمة * والمخجلات أشدهنه كم في الحمى قد زمجرت * هوج دهته بعصفنه تركت بهاتيك المروج * زلازلا من وقعهنه تلك الخمائل ما رأت * حرا يثور لحفظهنه الكل في نظر * الحقيقة مهملون لشأنهنه والكل قد تركوا البلاد * محاطة ببلائهنه للناقرات على الدفوف * يجدن في نقراتهنه للضاربين بأرجل * وجه الثرى هوسا وجنه يا للبلاد فكم * تبث مفاسد بربوعهنه ولكم يراح ويغتدى * في كل مهزلة لهنه كشف الستار عن الأولى * يتسابقون لنهيهنه جشع النفوس يثيرها * للعب في أوضاعهنه وخمول أشباه الرجال * عن القيام بحقهنه ترك المجال لمن يروم * وقيعة بكبانهنه أين الهداة وهل لهم * من جولة بمجالهنه أين الشباب وما * هنالك يقظة بشبابهنه اليوم يومك يا رعاع * فنكلي برجالهنه تلك الوعود فهرولي * وخذي الحي لحربهنه ستضئ أنوار الصباح * بهية بجهاتهنه وتزيل كل دجنة * سوداء عن أبصارهنه وترى البلاد دليلها * يمشي بها لحياتهنه ما رمت أقصد واحدا * بمقالتي من أهلهنه إن البلاد وأهلها * مثل الخمول بارضهنه