يقيم الدين لا يرتاب فيه * ويقضي بالفرائض مستبينا فلا تشمت معاوية بن حرب * فان بقية الخلفاء فينا وأجمعنا الامارة عن تراض * إلى ابن نبينا وإلى أخينا ينطلق الشاعر من المبدأين الأساسيين للشيعة واللذين ذكرناهما قبلا وهما:
القرابة من النبي والنهج في الحكم المبني على العدل وإقامة الحدود. في وقوفه إلى جانب آل البيت:
سأجعل نفسي لهم جنة * فلا تكثري لي من اللائمه أرجي بذلك حوض الرسول * والفوز بالنعمة الدائمة لتهلك إن هلكت برة * وتخلص إن خلصت غانمه وهو يتخذ موقفا له دلالته البالغة على التزامه الكامل لمذهبه. " قال الحارث بن خليد (وكان في شرف من العطاء) لأبي الأسود: ما يمنعك من طلب الديوان فان فيه غنى وخيرا؟ فقال له أبو الأسود: قد أغناني الله عنه بالقناعة والتجمل! فقال: كلا ولكنك تتركه إقامة على محبة ابن أبي طالب وبغض هؤلاء القوم ".
ظالم بن شراق في رجال ابن داود: يكنى أبا الصفرة، والد المهلب، كان شيعيا، وقدم بعد الجمل فقال لعلي (عليه السلام): أما والله لو شهدتك ما قاتلك أزدي، فمات بالبصرة فصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام).
عابس بن أبي شبيب الشاكري.
جاء عابس بن أبي شبيب الشاكري يوم كربلاء ومعه شوذب مولى شاكر فقال يا شوذب ما في نفسك ان تصنع قال ما أصنع أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أقتل قال ذلك الظن بك إمالا فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه وحتى أحتسبك أنا فإنه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه فإن هذا يوم ينبغي لنا ان نطلب الأجر فيه بكل ما قدرنا عليه فإنه لا عمل بعد اليوم وانما هو الحساب قال فتقدم فسلم على الحسين ثم مضى فقاتل حتى قتل قال ثم قال عابس بن أبي شبيب يا أبا عبد الله اما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز علي ولا أحب إلى منك ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشئ أعز علي من نفسي ودمي لفعلته السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد الله أني على هديك وهدى أبيك ثم مشى بالسيف مصلتا نحوهم وبه ضربة على جبينه (قال أبو مخنف) حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم قال لما رأيته مقبلا عرفته وقد شاهدته في المغازي وكان أشجع الناس فقلت أيها الناس هذا الأسد الأسود هذا ابن أبي شبيب لا يخرجن اليه أحد منكم فأخذ ينادي ألا رجل لرجل فقال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة قال فرمي بالحجارة من كل جانب فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفرة ثم شد على الناس فوالله لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل قال فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول أنا قتلته وهذا يقول أنا قتلته فاتوا عمر بن سعد فقال لا تختصموا هذا لم يقتله سنان واحد ففرق بينهم بهذا القول.
العباسيون وعلاقاتهم الشيعية.
هذا بحث عام يتعلق بعدد وافر من رجال (أعيان الشيعة) وردت تراجمهم خلال مجلدات الكتاب نعدد منهم: الإمام جعفر بن محمد الصادق، والإمام موسى بن جعفر، ومحمد، وإبراهيم ولدا عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي، والحسن بن زيد الملقب بالداعي إلى الحق، وإدريس بن عبد الله بن الحسن، وزيد بن علي، وعبد الله بن الحسن، والحسن بن زيد بن الحسن، وعلي بن عبد الله بن العباس، وأبو سلمة الخلال، لذلك فهو من صميم موضوعات (أعيان الشيعة) لارتباطه بالرجال الذين مرت أسماؤهم، ولا بد لمن يدرس ترجمة واحد منهم في (الأعيان) من أن يعود إلى هذا البحث وهو مكتوب بقلم الشيخ محمد رضا الشبيبي:
أبو العباس السفاح بويع أول الخلفاء العباسيين أبو العباس السفاح فكانت بيعته اجماعية، أجمع عليها أهل بيته وأنصارهم، وبهذا الاجماع امتازت بيعته على بيعة غيره ممن جاء بعده أو خلفه في هذا المنصب، أي أن عصر السفاح امتاز بعدم ظهور منافس له أو ثائر عليه، ومع أن أخاه وخلفه من بعده المنصور أكبر منه سنا الا انه كان في مقدمة من بايعه.
لم يحدث في خلافة السفاح حدث على أهل بيته أو أبناء عمومته خلافا لما وقع في خلافة المنصور، لأن السفاح كان معنيا باستئصال الأمويين في هذا الدور، وهو دور التأسيس والبناء.
بطش العباسيون الأول بطشة جبارة ببني أمية، قتلوهم أينما وجدوا، حتى توارى عن الأنظار كل متصل بنسب إلى بني أمية، بيد أن كثيرا من أهل الشام حاضرهم وباديهم وكثيرا من عرب الجزيرة وديار بكر، وهم من ربيعة و مضر وتغلب وبكر بن وائل، ظلوا ناقمين على الهاشميين أو العباسيين، لأسباب شتى، وهم يستظلون بظل الراية العباسية، بل أجهد العباسيين بعد ذلك استئصال شاقة كثير من الناقمين عليهم في حواضر الشام والجزيرة وبواديها، فانطوى هؤلاء على كثير من الغل وفساد النيات.
أصبح هؤلاء الناقمون عونا لكل ثائر على العباسيين، ولو لم يكن ذلك الثائر من بني أمية فكثرت الفتن في الشام والجزيرة وفي ديار بكر وربيعة وفي ديار مضر وتعدد خروج الخوارج في هذه البلاد، ولا يخلو تأريخ بلد قديم غلب أهله على أمرهم من محاولة للثورة والانتقاض على الغالب. فقد ثار الحجاز وثار العراق وثار غيرهما من الأقطار على حكم بني أمية، فلما ذا لا تثور الشام؟ ولما ذا لا تثور الجزيرة على حكم بني العباس وقد تعددت الفرص السانحة لمناهضة الدولة الجديدة ومناهضة خلفائها، ولم تعدم هذه الفرص من ينتهزها من ذوي المطامع والاغراض البعيدة، وفي البلاد المذكورة - وهي الجزيرة والشام - بقية باقية من أنصار بني أمية ومن مواليهم الضالعين معهم، ولنا ان نقول: ان القطر الشامي وما اليه قد استحال بسبب سخط الساخطين وبسبب وجود عدد لا يستهان به من موالي الأمويين وأنصارهم إلى بيئة صالحة للخروج على بني العباس وللدعوة إلى مناهضتهم وخصومتهم من أية ناحية جاءت هذه الخصومة.
أبو جعفر المنصور وما أن وافى السفاح أجله ليخلفه أخوه الأكبر أبو جعفر المنصور حتى كشرت الفتن عن أنيابها، وحتى توالت القلاقل في دولته ولكنه - أي المنصور - واجهها بما عرف عنه من صرامة وفطنة ودهاء، وقد تخلص بموجب خطة