مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٦٢
فهؤلاء الأعلام كانوا يجتمعون في مجلس الملك الصالح طلائع بن رزيك يتناشدون الشعر ويتناظرون في بعض المسائل العلمية والأدبية ويستمعون إلى شعره ".
ويقول المقريزي: أن له قصيدة سماها الجوهرة في الرد على القدرية، وأنه صنف كتابا سماه " الاعتماد في الرد على أهل العناد) جمع له الفقهاء وناظرهم عليه، وهو كتاب يبحث في إمامة علي بن أبي طالب والأحاديث النبوية التي وردت فيه.
ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي مرت ترجمته في الصفحة 403 من المجلد السابع ونزيد عليها هنا ما يأتي:
قال الدكتور عبد المجيد زراقط:
كان أبو الأسود الدؤلي " من وجوه التابعين وفقهائهم ومحدثيهم وهو كان الأصل في بناء النحو وعقد أصوله ". وعنه يقول الجاحظ: " أبو الأسود الدؤلي معدود في طبقات من الناس، وهو في كلها مقدم، مأثور عنه الفضل في جميعها، كان معدودا في التابعين والفقهاء والشعراء والمحدثين والأشراف والفرسان والأمراء الدهاة والنحويين والحاضري الجواب والبخل والصلع الأشراف والبخر الأشراف ". ونرى في أبي الأسود أيضا صفات تدعو إلى الاكبار والاجلال. يتعلق بالله عن عميق إيمان:
وإذا طلبت من الحوائج حاجة * فادع الاله وأحسن الأعمالا فليعطينك ما تشاء بقدرة * فهو اللطيف لما أراد فعالا إن العباد وشأنهم وأمورهم * بيد الإله يقلب الأحوالا فدع العباد ولا تكن بطلابهم لهجا تضعضع للعباد سؤالا هذا الترفع ينتج عن إيمان وعن اعزاز للنفس يتدبره عقل واع، فهو حين شاخ لم يكن يقعد في البيت وإنما كان يخرج كي يبقى مهابا محترما في منزله وكي يبقى على صلة بالحياة. وما كان يرضى الهبة، قال يوما لصديق أراده أن يهبه فروة:
بعني نسيب ولا تثبني إنني * لا أستثيب ولا أثيب الواثبا ولم يكن ميسور الحال باستمرار، ولعل هذا ما يفسر اتهام الناس إياه بالبخل، والحقيقة أنه كان مقتصدا يتدبر أمره مما يدره عليه رزق كان له، إذ يتحدث عنه صاحب الأغاني كمقتني إبل يساوم في أثمانها. والملاحظ أن أبا الأسود لم يحترف الشعر ولم يمدح لأجل أن يعطى، كما أنه لم يهج برغم أن له من الأجوبة اللاذعة ما يسجل، وبرغم ما يقول عن لسانه:
فإن لساني ليس أهون وقعة * وأصغر آثارا من النحت بالفاس وإن تعرض لأحد بهجاء، فإن ما يقوله مقبول لدرجة أن المهجو يتمثل به. قال أبو الأسود للحصين، في نهاية أبيات عرض فيها رفض الأخير شفاعته:
يصيب وما يدري ويخطي وما يدري * وكيف يكون النوك إلا كذلكا وكان الحصين يتمثل بهذا الشعر عندما يقضي بين الناس (5):
الحق أنه من النادر أن نلتقي بشاعر في العصر الأموي وفي العراق هذه صفاته. ولنقرأ هذا الشعر قاله لصديق له، كان قد حكم عليه بالحق:
ولا تدعني للجور واصبر على التي * بها كنت أقضي للبعيد على أبي إني امرؤ أخشى إلهي وأتقي معادي وقد جربت ما لم تجرب هذا هو أبو الأسود الإنسان، رجل مؤمن تقي عالم، يتدبر أموره بعقل وروية، ويترفع بنفسه عن كل ما يؤذيها. وكان هكذا في شعره، لم يتكسب به، ولم يتسلط به أيضا برغم أنه كان محتاجا لدرجة أن يكسى ثوبا أو ليسدد عنه دين وبرغم أن لسانه ما كان كليلا إنه طراز من الشعراء نادر وإن لم يعرف، في المقام الأول، كشاعر.
ما كان أبو الأسود يمدح وما كان يهجو، وهذه مواضيع في الشعر العربي رئيسية حتى أنها كانت تحدد منزلة الشاعر، وهذا ما لم يأبه له. ولو كان محبا للمال، كما يقولون، لاهتم باستغلال شعره. وما كان ليفعل، وهو الإنسان العالم الذي كان العقل رائده في مجمل تصرفاته، إضافة إلى أنه كان يسترشد الإله وحده في سلوكه.
إذا فيم كان يقول الشعر؟ الواقع أن اطلاعا سريعا على شعر أبي الأسود يفيد أنه كان ينظم الشعر في الأمور اليومية التي كانت تعرض له، وهذا أمر جديد على الشعراء، وفي تأييد مذهبه.
كان يتناول، في شعره، أمور حياته، حتى الصغيرة جدا منها. أراد جاره خداعه في شراء ناقة منه، فقال له: بئست الخلتان فيك: الحرص والخداع وأنشد (6):
يريد وثاق ناقتي ويعيبها يخادعني عنها وثاق بن جابر فقلت: تعلم يا وثاق بأنها عليك حمى أخرى الليالي الغوابر بصرت بها كوماء حوساء جلدة من الموليات الهام حد الظواهر فحاولت خدعي والظنون كواذب * وكم طامع في خدعتي غير ظافر ولم يكن تناوله لهذه الأمور العادية عاديا، بل كان تناول الإنسان المفكر المتبصر الذي يصل، من خلال معالجة القضية اليومية، إلى تعميم يهم الناس جميعا. كان يعرض القضية ويستوفي تفصيلاتها ثم ينتهي بحكم عام يصح أن يتخذ حكمة أو مثلا:
بلغه أن زيادا يوقع به، فقال فيه كثيرا. ومما قاله هذه الأبيات:
نبئت زيادا ظل يشتمني * والقول يكتب عند الله والعمل وقد لقيت زيادا ثم قلت له * وقبل ذلك منا خبت به الرسل حتى م تسرقني في كل مجمعة عرضي، وأنت إذا ما شئت منتفل كل امرئ صائر يوما لشيمته في كل منزلة يبلى بها الرجل أبو الأسود، في هذه الأبيات، إنسان مؤمن بالله، يستوحي تعاليمه في سلوكه وفهمه للأمور، وينظر بعقل لما يجري معه، فيخلص إلى حكمة إنسانية عامة تتحول بالقضية الصغيرة الفردية إلى قضية كبيرة عامة.

(1) الأغاني، 12 / 297.
(2) المصدر نفسه، 12 / 300.
(3) المصدر نفسه، 12 / 301.
(4) المصدر نفسه، 12 / 321 و 331.
(5) المصدر نفسه، 12 / 307 النوك: الحمق.
(6) المصدر نفسه، 12 / 315.
(7) المصدر نفسه، 12 / 312.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301