يا زهو النفس وبغيتها * ومؤمل قلبي المستعر صل صبا كابد فيك جوى * ثم اعدل فيه ولا تجر أيليق بمثلي ان يبقى * قلقا وبدمع منهمر وتعود وقلبك في جذل * ريانا كالغصن النضر فلئن أسرفت بهجرك لي * وتركت فؤادي في سعر فبحب علي قد غنى * لي عود الأنس بلا وتر مولى الثقلين أبو الحسنين * ودنيا الفخر لمفتخر كشاف الكرب عن الهادي * بمواقف تذهب بالفكر بدر، أحد تتلو الأحزاب * وخيبر ربات العبر علم الاسلام بيمناه * في الحرب يرفرف بالظفر من أحيا العدل وافنى الجهل * بحد مهنده الذكر من قال سلوني ما شئتم * عن كل عصيب مستتر في الصدر هنا علم جم * للناس فهل من مدكر من بات وحيدا مفتديا * طه بالنفس من الخطر بمزايا فيه قد ازدحمت * حدث من شئت من البشر ردد بالمدح له ذكرا * وانثر ما اسطعت من الدرر بسمو الذات علا هام العلياء * وطال على القمر بحماك أبا حسن قد * لذت وجئتك في كف صفر فاعطف مولاي على عبد * لجزيل نوالك مفتقر وأغثني يا كهف اللاجي من نار ترمي بالشرر أفلست على الحوض الساقي * من منهل كوثرك النمر أم لست قسيم النار غدا * فتقول خذي هذا وذري واجعل محياي بمقعد صدق * عند مليك مقتدر واقبل ما استيسر من مدحي * لعلاك بنظم مبتكر (دبير)، مرزا سلامت علي ولد في دهلي سنة 1218 وتوفي في لكنو سنة 1292.
عرف بلقبه (دبير) ولم يشتهر بغيره لذلك ترجمناه في حرف الدال. هو بين الشعراء الهنود شاعر المراثي الحسينية، وهي المظهر الفريد لشعره، بلغ فيها أعلى المراتب، وبلغت على يده ذروتها، وكان يجيد العربية والفارسية.
يتميز شعره برصانته، وبصياغته الصياغة العالية، فهي صياغة صائغ مبتكر تطيعه اللغة والبيان كما يريد.
وكان أنيس ودبير فرسي رهان في عصرهما، وكان الناس فيهما منقسمين بينهما يتعصب لكل واحد منهما المتعصبون ويتحزب المتحزبون. وتدور المناقشات وتعقد الحلقات التي ينقسم فيها الناس بينهما، كل فريق يفضل شاعره على شاعر الفريق الآخر.
وفي هذا التزاحم والتنافس برزت مراثيهما الحسينية بروزا كبيرا، لقد عنيا بتصوير واقعة كربلا ووصف بطولة شهدائها تصويرا ووصفا في غاية الدقة مما اثرى الأدب بالشعر القصصي الحي. ويعبر عنهما أحد الكتاب قائلا: " يشغل مير أنيس وميرزا دبير مقاما في طليعة شعراء المراثي في كل عصر ومصر.
ومراثيهما الحسينية شهيرة مقدرة بشتى مقاييس النقد ومعتبرة من أفضل القطع الأدبية التي كتبت باللغة الأردوية ".
(راجع ترجمة أنيس في محلها من هذا الكتاب).
دبيس بن صدقة المزيدي.
مرت ترجمة مفصلة في المجلد السادس، له ولأسرته بني مزيد. ومما لفت نظرنا ما قرأناه في دائرة المعارف الاسلامية في بحث (تفليس) أن محمود بن محمد السلجوقي (1118 - 1131 م) انفذ حملة على الكرج إغاثة لمسلمي تفليس.
وقد اشترك في هذه الحملة كل من نجم الدين غازي الارتقي ودبيس بن صدقة المزيادي (كذا) (عرف باسم دربز durbez في أخبار الكرج) وأخو السلطان طغرل (صاحب أران ونقجوان) يصحبه اتابكه كنتفدي، ودخل هذا الجيش ثريالث ومنجليس في الثامن عشر من أغسطس سنة 1121 ولكنه مني بالهزيمة على يد داود ومن معه من القفجاق.
ولما كانت النسخة العربية من دائرة المعارف مترجمة عن لغة أجنبية فلم يفرق المترجمون بين (مزيدي) و (مزيادي)، لأن الكلمتين تكتبان في الحروف اللاتينية كتابة واحدة على أنه كان من المفروض ان يكون لدى المترجمين شئ من الالمام بتاريخ بني مزيد وان يكونوا اطلعوا ولو قليلا من الاطلاع على تاريخ هذه الدولة العربية العريقة. ولكن تبين من ذكرهم لكلمة (مزيادي) انهم يجهلون كل الجهل انه كان في تاريخ العرب كلمة (مزيد)، والنسبة إليها مزيدي.
على أن المهم في هذا الموضوع هو ما ذكر في الأصل من مساهمة دبيس بن صدقة في الحملة السلجوقية على تفليس دعبل الخزاعي مرت ترجمته في موضعها من (الأعيان) وقد كتب نضال الخضري عن كتاب له اسمه (وصايا الملوك وأبناء الملوك من ولد قحطان بن هود) - حققه نزار أباظة - كتب ما يلي:
كتاب " وصايا " قام بتحقيقه الدكتور نزار أباظة، عن مخطوطة موجودة في مكتبة الأبروزيانا وهي النسخة الوحيدة الباقية منه وتتألف من 37 لوحة كتبها ناسخ مجهول سنة 547 أو 549 ه. ويشكك الدكتور عبد الكريم الأشتر في نسبة الكتاب إلى دعبل لأن ابن النديم لم يذكره في فهرسه، لكن المحقق يرى أن أحدا لم ينسب هذا الكتاب إلى غير دعبل ولم يرد ذكره أبدا، وما يقوي نسبة الكتاب إلى دعبل بن علي الخزاعي أن نسبه في قحطان، وكان يعتز كثيرا بهذا النسب، دليل ذلك قصيدته القحطانية التي ورد فيها على مذهب الكميت النزارية وبلغت 600 بيت.
واسم الكتاب يدل على محتواه حيث جمع دعبل فيه ما نقل عن ملوك قحطان من وصاياهم لبنيهم في شؤون الملك والحفاظ عليه. وبدأ بموعظة هود معتبرا أنه أول نبي بعد نوح وهو أبو العرب العاربة. واتبع الكاتب منهجا عاما في سرد روايته عن الوصايا حيث يدعمها بالآيات القرآنية عندما يتحدث عن وصايا الأنبياء، كما ينقل أبيات شعر طويلة تتضمن الوصايا وينسبها إلى أبناء الملوك القدماء.
وينتهي الكتاب بوصايا أواخر ملوك الغساسنة في بلاد الشام وتتضمن وصية الحارث بن كعب. وهو يحتوي على 95 خبرا يتضمن وصايا وقصائد شعرية وفيها بعض من القصص الخاصة بالملوك.