وقال:
أعلمت أن سلامة الأوطان * هي عين قتل سلامة الإنسان وطنية الإنسان سلم مجده * إن قوبلت بعواطف وحنان فيذب دون كيانه لكنه * لا يبتغي في الكون هدم كيان أنا لا أحب سوى السلام أو الردى * إن جر حب السلم للأذعان لا عاش من يسعى ليهلك نوعه * لا جد جد العاجز المتواني ما الحر إلا من يطهر أرضه * أو لا فما هو طاهر الوجدان ولأنت في ديوان شعبك صفحة * فلتفد غرة ذلك الديوان الروح والجثمان منه فحقه * أن يفتدى بالروح والجثمان فادرء بموتك عن بلادك موتها * لتعيدك الذكرى لعمر ثان ولدتك تربتها وضمك جوها * وبها نطقت مميزا بلسان أفبعد ذاك تعاف نفسك نصرها * ببيان حر صادق وبنان ما أنت من أبنائها إن لم تكن * عنها تذود بيوم كل طعان أو ما يروقك أن تعيش بؤمة * قد أعطيت في المجد أي مكان أيطل من أوج الحضارة مرتق * ترمي له نظر الذليل العاني وأمامك الطرق التي فيها سعي * فعلا م فاز وأبت بالخسران أيريد فيك نفوذه وتغض طرفك دونه ما أنت بالإنسان لا يلبسن الشعب حلة مجده * حتى تطرز بالنجيع القاني وإذا تتوجت الجماجم بالظبا * كانت لهن فخامة التيجان قضت السياسة أن تعم صروفها * أبناء هذا العالم المتفاني وتطاحنت في الأرض كل شعوبها فاليوم ها هي طعمة النيران فطغا النجيع بكل واد والطلا * كانت منابع ذلك الطوفان إن ينفجر في الأرض بركان الوغى * فالكون في فم ذلك البركان ساد الفناء على البسيطة كلها * والسلم بان مقوض الأركان وتنبهت أمم ستملك أمرها * وتسلمت أخرى يد الحدثان فتألفت هذي وتلك تمزقت * وهما إلى العلياء يستبقان فاستخبر التاريخ أية صفحة للعرب فيه كريمة العنوان أو لم يقيموا الفخر مرتفع الذرى * حتى أطل بهم على كيوان ملكوا الرقاب بعدلهم فتحررت * وتألف القاصي لهم والداني فتداولوا الدنيا مسخرة لهم * بين اليراعة والقنا المران مدوا رواق الارتقاء وفوقه * علم السعادة دائب الخفقان وتسنموا العلياء ثم مضوا بها * فمفاخر الآباء في الأكفان خلقوا ليبتكروا الفنون ولم نجئ * إلا لنطريهم بكل لسان يا أمة بنت الأوائل مجدها هدمت علاك فأين منك الباني ما كنت أحسب بعد عزك أن أرى * مثواك والهفا بدار هوان محمود بن الياس الشيرازي من الأطباء العلماء في العهد الصفوي في شيراز. تلمذ على المير داماد، له: (كتاب العشق) منه نسخة خطية في مكتبة السيد المرعشي بقم.
السيد محمود الحبوبي ابن السيد حسين ولد في النجف الأشرف سنة 1323.
هو ابن شقيق السيد محمد سعيد الحبوبي العالم المجاهد الشاعر الشهير.
درس في النجف القراءة والكتابة ومبادئ الحساب ثم ترك المدرسة ليدرس العلوم العربية والمنطق ومبادئ الفقه وأصوله.
انتخب عضوا إداريا في جمعية الرابطة العلمية الأدبية في النجف منذ تأسيسها ثم أصبح سكرتيرها. ثم ترك النجف وأقام في بغداد.
طبع الجزء الأول من ديوانه سنة 1367 (1948) وله عدا الديوان مجموعة موشحات ومجموعة رباعيات. وقد عني بجمع ديوان الشيخ جواد الشبيبي وجمع ما لم ينشر من شعر عمه السيد محمد سعيد.
مرت له قصيدة رثائية في الصفحة 69 من المجلد السادس.
قال بعنوان سكان الريف بين عهدين:
خلت المنازل والمرابع * فاكفف فليس بهن سامع ما ذا وقوفك وهي قفرى * من أماجدها بلاقع لم يبق منهم (نهشل) * بين البيوت ولا (مجاشع) من كل من لم يتخذ * لعلاه إلا السيف شافع أو بذل ما يحويه إن * بخلت به الأيدي الموانع يهتز - مثل قناته - * للجود لدن القد فارع باد عليه لناظريه * من الفتوة خير طابع لم يهنه شبع وبين * الحي طاوي الكشح جائع يقري الوفود مع القرى * كرم الخلائق والطبائع فتراه أندى للضيوف * يدا من المزن الهوامع وتراه أجرأ من أسامة * في الملاحم والوقائع وتراه أقضى من (شريح) * يوم تستعصي المنازع للقوم يكشف عن وجوه * غوامض الأمر البراقع إن يقتنع بالرزق لم * يك بازدياد المجد قانع جلد إذا ما الدهر أنذر * بالقواصف والقوارع رأسي العقيدة واليقين * بما به أتت الشرائع لم تلفه لأبائه * إلا لحكم الله ضارع يا نادبا شرف العروبة * عاد في الأرياف ضائع كم رحت تسعى نحوها * جذلا فعدت وأنت جازع أدمى حشاك خلوها * من أهلها البيض الصنائع وتنكرت لك بعدهم * حتى مناظرها الروائع فتكاد تشقيك الحقول * بها، وتشجيك السواجع وتكاد هبات النسيم * تشب نارا في الأضالع وتكاد تورث غلة * تلك المناهل والمشارع وتكاد إذ تجري السواقي * أن تسابقها المدامع أنى اتجهت رأيت ثمة * ما تقض له المضاجع غرف أعدت للعقار * وللقمار وللشنائع لم تحو إلا كل مخمور * هزيل الجسم مائع تلقاه مضطرب الخطى * في القوم مرتعش الأصابع وأذل من فقع بقر * قرة إذا غشي المجامع لعبت به شهواته * فغدا لها كالعبد خاضع وغدا لأغلى المكرمات * بأبخس الأثمان بائع أسراره عند المخادع * لو تبوح بها المخادع