خلني والهموم تترى على القلب * بما يحكم القضا والزمان ليس في الكون ما يروقك لونا * سمجت في حياتنا الألوان أخذ الناس عن زمانهم المكر فكل بمكره شيطان ولبئس الرياء في الناس قولا * وفعالا يسيغه الإنسان خدع الناس في زخارف إبليس ولما يهب بهم إيمان عشقوا نضرة الحياة حريصين عليها وفي الهوى خسران وتفانوا على خسيس من العيش ضئيل كأنهم ذئبان ليت شعري أللزمان بقاء * أم تدوم القصور والتيجان ملك كسرى عدت عليه الليالي * سقط التاج وامحى الإيوان لا يغرنك من زمانك لين المس منه فإنه ثعبان كم تراق الدماء في ساحة الحرب وكم تعمل القنا المرآن عجز الطب عن دواء نفوس * وتداوى من دائها الأبدان عالم لا يفيق من سكرة الجهل وخلق في رشده حيران كل أدوائه عضال ولكن * شر أدواء نفسه الطغيان كم قرأنا من الحياة دروسا * يتساوى سماعها والعيان وبلونا الزمان في حالتيه * فإذا في سروره أحزان يحكمون البناء ظن بقاء * وقريبا ما يهدم البنيان عظة الدهر آذنت بوداع * فتيقظ يا أيها الإنسان ان تنم سادرا عن الموت لاه بأمانيك فالردى يقظان وقال في ذكرى مرور خمسين سنة على صدور مجلة العرفان سنة 1371:
حملت من عب ء الجهاد ثقيلا * وجزيت من طيب الثناء جميلا وبلغت من شرف الجهاد مكانة * توجت فيها بالعلى إكليلا خمسين عاما قد قضيت مجاهدا لم تتخذ إلا الجهاد سبيلا أديت للآداب خير رسالة * فيها وكنت لها الأمين رسولا ما إن أصبنا في جهادك كله * لك في الثبات وفي الإباء مثيلا (عرفانك) السفر النفيس مجلة * حازت بمضمار العلى التفضيلا يحوي من الأدب الشهي موائدا * تغذو العقول ومنهلا معسولا يجلى لقارئه عروس ثقافة * حسناء تسبي أنفسا وعقولا يجلى بكل طريفة أدبية * تحلو وتحسن في المسامع قيلا يا منفق الخمسين عاما كافلا * نشر الثقافة قد عظمت كفيلا أبديت للأدب الرفيع جماله * وجعلته بين الورى مبذولا ونشرت رايته فرفت واحتوت * دنيا الثقافة عرضها والطولا حق لجهدك في الحياة تجلة * توليك شكرا يستطاب جزيلا وتريك أن مكانة الأدب التي * عظمتها بلغت بك المأمولا وبلغت منها ما تحب ونلت من * أسبابها ما نلت منه السولا لم تتخذ باب الصحافة متجرا * للربح ينقع من ظماك غليلا لكنما حاولت فيها غاية * تسمو وقصدا في الحياة نبيلا شأن الصحافة أن تكون نزيهة * تأبى الرشى وتجانب التدجيلا وترى الحقيقة رائدا لجهادها * لا ترتضي عن نهجها تحويلا وترى لزاما أن توجه للعلى * شعبا تعود أن يعيش ذليلا شعبا يعيث ولاته بحقوقه * وإذا اشتكى منهم غدا مسؤولا شعبا يئن لما به وبلاده * كادت تمثل أربعا وطلولا الفقر ملء بيوته وولاته * عمروا القصور وأحسنوا التجميلا وتحفز الجيل الجديد ليقظة * يسمو بها عن أن يكون جهولا وتجله عن أن يكون مسخرا * يحيا كما عاش القرون الأولى وتبث فيه من المعارف ما به * تبني على أسس الحياة الجيلا فالعلم مرقاة الشعوب وما ارتقى * شعب يظل بجهله مغلولا والعلم نهج الراشدين وما اهتدى * من لم يجد منه عليه دليلا والعلم نبراس الحياة ونوره * يجلو الظلام ويكشف المجهولا والجهل داء في الحياة ولم نجد * كالجهل داءا للحياة وبيلا إن نحتفل بالعاملين فإنما * نجزيهم التقدير والتبجيلا رمز الجهاد أبو (الأديب) وحقه * حسن الثناء مرددا موصولا ولربما كثر الثناء وربما كان الكثير من الثناء قليلا الشيخ محمد علي اليعقوبي ابن الشيخ يعقوب ولد سنة 1313 في النجف الأشرف، وتوفي ودفن فيها سنة 1385.
خرج به أبوه وهو صغير السن إلى الحلة حيث هاجر إليها فنشأ ودرس دراسته الأولى فيها. وكان والده من خطباء المنبر الحسيني فاخذ يدرب ولده المترجم على الخطابة الحسينية، ثم كان يرود مع والده مجتمعات الحلة التي كانت عامرة بالأدب والشعر، لا سيما منتدى السيد محمد القزويني، وبعد وفاة والده سنة 1329 ارتبط بالسيد القزويني ولازمه وتلمذ عليه، ثم وقعت حادثة الحلة، وتلخص هذه الحادثة بأنه في أواخر الحرب العالمية الأولى جاء القائد التركي عاكف إلى مدينة الحلة ومعه فريق من الجند واستدعى المختارين وبعض النافذين في البلد وطلب إليهم أن يسلموا خلال اربع وعشرين ساعة الجنود الفارين والا فإنه سيتخذ ما يقتضيه الموقف من اجراءات صارمة.
وكانت الحلة ملأى بهؤلاء الجنود. ولما جن الليل فرق عاكف عساكره في الطرقات وعلى السور ودوائر الحكومة وعلى منارة المسجد الكبير فوقع الصدام بين العسكر وأهل الحلة واستطاع الحليون السيطرة على الموقف. وكان عاكف قد استنجد بمن في السدة من الجنود فانجدوه ولكن الحليين ومن انضم إليهم من الاعراب أوقفوا النجدة عند مشهد الشمس، فلما رأى عاكف ذلك خادع أهل الحلة ووعدهم بان يخرج بمن معه من الجند من الحلة إذا فكوا الحصار عن القوة المحاصرة في مشهد الشمس، وهكذا كان فاخلى عاكف الحلة وخرج منها بجنوده. ثم أنه في أوائل شهر المحرم سنة 1335 ارسل عاكف إلى الحليين يطلب إليهم الاذن بان يمر في الحلة في طريقه لانجاز مهمة عسكرية في مكان آخر.
فاجتمع أهل الحل والعقد في منزل السيد محمد علي القزويني لينظروا في طلب عاكف، فوقع الخلاف بينهم، إذ قال بعضهم بإجابة طلبه وقال الآخرون بعدم الاذن له لأنه انما يخادعهم فإذا دخل الحلة فلن يخرج منها ورأوا انهم الآن في منعة ويستطيعون صده إذا حاول الدخول عنوة لمناعة سور الحلة وقوة المدافعين وان الناس في أرياف المدينة سينجدونهم حتما إذا صمدوا فيقع عاكف بين نارين. واشتد الهرج والمرج بين المجتمعين وامتد ذلك إلى جمهور الناس خارج الاجتماع بعد أن بلغهم خلاف من اجتمعوا وقامت مجموعات من الحليين بالنزوح عن الحلة وتشتت امر الناس تشتتا كاملا فدخل عاكف المدينة دخولا هينا، وقام الجنود بالنهب والحرق والهدم والقتل وخربت محلات الجامعين والطاق وجبران والوردية وكان عدد من علقوا على أعواد المشانق مائة