إيران، وهكذا تكرر انتخابه نائبا في المجلس النيابي في دوراته الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والحادية عشرة وكان صوته يرن من على كرسي النيابة في أكثر جلسات المجلس ممثلا للمعارضة ومتعاونا مع زعيمها السيد حسن المدرس، كما اشترك في بعض الأحزاب سواء في مشهد أو طهران كعضو بارز فيها وشغل منصب وزارة المعارف الإيرانية سنة 1365 في الوزارة التي ألفها صديقه القديم السياسي العنيف أحمد قوام السلطنة أثناء الحرب العالمية الثانية واستقال قبل سقوط الوزارة لمعارضته لحكومة بيشه ورى التي كانت قد تالفت في آذربيجان خلافا للدستور ممتنعا عن توقيع أي اتفاق معها.
وعلى الرغم من قضاء معظم وقته في الكفاح السياسي فإنه لم يترك نزعته الأدبية وما جبل عليه من النظم الحاد والنثر اللاهب، ونزولا عند هذه النزعة أنشأ سنة 1336 جمعية أدبية باسم " انجمن أدبي دانشكده " وأصدر مجلة " دانشكده " التي كانت لسان حال تلك الجمعية، تلك المجلة التي كان لها الأثر البالغ في تجديد حياة النهضة الأدبية في إيران واتسام النظم والنثر الفارسي بسمة حديثة مجلببة بروح عصرية وبأسلوب يختلف كثيرا عن أسلوب النظم والنثر المحاط بإطار القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين.
هذا وقد لقي مترجمنا في نضاله السياسي المعارض عنتا قويا وكبتا عنيفا من السلطات القائمة، فسجن من جراء ذلك في سنة 1348 للمرة الأولى وفي سنة 1353 للمرة الثانية (دفعتين) وبقي حتى أواسط عمره معتما بالعمة البيضاء الصغيرة ومرتديا زي علماء الدين على غرار زملائه ومن على شاكلته من الفضلاء والأدباء عصرئذ لكنه على أثر إصابة عضده بالكسر أثناء رحلته مع المهاجرين إبان إعلان الدستور اضطر إلى استبدال زيه هذا (ببدلة السترة والبنطلون والقلبق) لأنه كان قد تعذر عليه بعد إصابة عضده بالكسر أن يلف بسهولة طيات عمته.
ولقد كان لتأسيس المترجم جميعة (انجمن أدبي دانشكده) وإصداره مجلتها القيمة أثر كبير في حياته وسيرته السياسية التي لقي من ورائها العنت والتعب والنصب، من سجن وتبعيد وكفاح برلماني ونضال صحفي، ونتيجة لكل ذلك آثر ترك السياسة والتفرغ للأدب والشعر والتعليم في المدارس العالية كدار المعلمين العليا وكلية الآداب وكذا التاليف والترجمة والإشراف على طبع الكتب الأدبية والتاريخية القديمة والتعليق عليها وتصحيح متونها.
هذا وبالاستطاعة اعتبار ملك الشعراء بهار أمير الشعر في إيران خلال القرن الرابع عشر الهجري والعشرين الميلادي وذلك لما وهبه الله تعالى من عبقرية لامعة وقريحة وقادة وشعور مرهف وطبع سليم وشعر قوي وبيان محكم خاصة وأن لأسلوب شعره ونثره مسحة من الأدب الخراساني المعروف، كما كان المترجم زعيم المجددين في النثر والنظم الإيراني الحديث، كل ذلك مضافا إلى ما كان يمتاز به من وطنية ملتهبة وغيرة إسلامية وحمية شرقية.
لقد أصيب في السنوات الأخيرة من عمره بمرض السل الذي أقعده عن أي نشاط علمي أو سياسي أو أدبي عدا نظم الشعر الذي كان يستعين به على قضاء وقته في انزوائه واعتزاله ورغم المحاولات الكثيرة سواء في إيران أو في رحلاته إلى مصحات ومستشفيات أوروبا للعلاج فإن هذا المرض العضال قد تغلب عليه.
حيث توفاه الله عن عمر يناهز (66) سنة.
كان ملك الشعراء بهار ملما إلماما تاما باللغة العربية وآدابها وكان يستعين كثيرا بالكلمات العربية الفصحى في نظمه ونثره. ولذلك كنا نرى مكتبته التي حوت الآلاف من الكتب الخطية والمطبوعة غاصة بدواوين الشعراء العرب من قبل الإسلام وبعده والمعاصرين وكذا بكتب اللغة العربية وقواميسها وآدابها وموسوعاتها.
مؤلفاته وآثاره لقد ترك المترجم آثار كثيرة من نتاج أفكاره كثير منها مطبوع وبعضها لا زال مخطوطا، منها:
1 - كتاب (سبك شناسي يا تاريخ تطور نثر فارسي) باللغة الفارسية في ثلاثة مجلدات مطبوعة.
2 - ديوان شعره بالفارسية في مجلدين كبيرين مطبوعين.
3 - مجموعة مؤلفة من عدة مجلدات تحتوي على المقالات السياسية والأدبية وغيرها التي نشرها في صحفه أو الصحف والمجلات الأخرى طوال مدة حياته.
4 - تعليقاته وتصحيحاته لمتون كتابي (تاريخ سيستان) و (مجمل التواريخ والقصص) اللذين طبعا على نفقة وزارة المعارف الإيرانية وأشرف المترجم على الطبع والتصحيح والتنقيح ملخص من مقال للسيد صالح الشهرستاني ".
السيد محمد الحجة ابن علي ولد في تبريز سنة 1310 وتوفي سنة 1372 في قم.
درس في تبريز ثم سافر إلى النجف الأشرف فكان من أساتذته فيها الخراساني واليزدي وشيخ الشريعة وغيرهم وظل في النجف حتى سنة 1349 وفي هذه السنة انتقل إلى مدينة قم فكان من مدرسيها وبنى فيها المدرسة الحجتية. ولما أدرك الهرم الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري مؤسس جامعة قم وعميدها خشي أن ينفرط عقدها بعد وفاته فاستدعى السيد صدر الدين الصدر من (مشهد) وجعل منه ومن المترجم معاونين له، ثم توفي الشيخ عبد الكريم فانضم اليهما السيد محمد تقي الخوانساري فتألفت منهم قيادة ثلاثية لحوزة قم، ثم انتقل إلى قم السيد البروجردي فأشرف بنفسه على شؤون الحوزة وتصريف أمورها.
له: لوامع الأنوار، جامع الأحاديث، مستدرك البحار، رسائل في فروع الدين.
السيد محمد جمال الهاشمي ابن السيد جمال الدين ولد في النجف الأشرف سنة 1914 م.
أصل والده من قرية سعيد أباد عن قرى كلبايكان في إيران ثم انتقل إلى النجف سنة 1319 فأقام فيها طالبا فعالما من مشاهير علمائها، ثم توفي فيها وهناك ولد نجله المترجم فدرس على والده وعلى كبار العلماء وتقدم في الدرس، حتى كان من المبرزين واشتغل في تفسير القرآن حتى كانت له حلقة يلقي فيها دروس التفسير على الطلاب. وكان إلى ذلك شاعرا مجيدا. ولما قام حكم الطغيان البعثي التكريتي في العراق، فسفك الدماء وارتكب المجازر الإنسانية وشرد العلماء وقضى على الحريات، كان هو ممن لحقته آثام هذا الحكم فاضطهد وطورد، ثم توفي فجأة في الستين من عمره.
طبع من مؤلفاته: الأدب الجديد، الزهراء، المرأة وحقوق الإنسان. وبقي ديوانه مخطوطا، ويؤسفنا أن لم يصل إلينا إلا هذا النزر القليل من شعره الكثير الجيد، والله أعلم بما انتهى إليه أمر ديوانه.