على ذلك، إذ نية كل شئ بحسب حاله لكن قد يقال إن المتجه حينئذ عدم ذكر الفرد الأول من الفردين لعدم الفائدة فيه، اللهم إلا أن يكون ذلك لبيان الاجتزاء به إذا اتفق ردا على المحكي عن ابن أبي عقيل من ايجاب وقوع النية ليلا الظاهر في عدم اجراء المقارنة المزبورة، إلا إذا حمل على إرادة تعذرها أو تعسرها كما عرفت، أو يمنع إرادة المقارنة المزبورة في نحو عبارة المصنف بل ما يشمل حصولها بعد تحقق الفجر، كما يشهد له ما في الروضة هنا من أن ظاهر الأصحاب أن النية للفعل المستغرق للزمان المعين تكون بعد تحققه لا قبله لتعذره وممن صرح به المصنف في الدروس في نيات أعمال الحج كالوقوف بعرفة، فإنه جعلها مقارنة لها بعد الزوال، فيكون هنا كذلك، وحينئذ يتجه ذكر المصنف له فردا مقابلا للتبييت، لكن بناء عليه يقع جزء من الزمان بلا نية حينئذ، وهو خلاف المعلوم من الشرع.
ولعل من ذلك كله ينقدح لك قوة ما قلناه سابقا من أن النية عبارة عن الداعي الذي لا ريب في تصور مقارنة خطوره، ضرورة إمكان استمراره مما قبل الفجر إلى ما بعده، كما أنه يكفي وجوده في الليل مستمرا على حكمه في صدق استناد الصوم إلى النية عرفا، وحينئذ فلا حاجة في جواز تقديم النية ليلا إلى دليل خاص، اللهم إلا أن يقال أنه وإن قلنا بأن النية الداعي لكن لا نقول بالاكتفاء بخطوره آنا ما قبل الشروع في الفعل وإن غاب حاله كما في نحو المقام إذ لا ريب في صحة صوم من نواه من أول الليل ثم نام إلى ما بعد طلوع الفجر على أنه لا يعقل فرق بين ذلك وبين الوقوع قبل الليل حتى أجزأ الأول دون الثاني، خلافا لابن الجنيد فاجتزى بهما معا، ونحوه ما تسمعه من الشيخ الذي سيشير إليه المصنف، لكن لا ريب في ضعفهما، وحينئذ فلا بد من الاستناد إلى دليل خاص في ذلك كله، اللهم إلا أن يدعى أن للصوم خصوصية، فيصدق