أيضا طاهر مطهر، ومن خالف فيه من أصحابنا قال: هو طاهر يزيل النجاسات العينيات ولا يرفع به الحكميات فقد اتفقوا جميعا على أنه طاهر، ومن جملة الأغسال والطهارات الكبار غسل من مس ميتا، فلو نجس ما يلاقيه من المائعات لما كان الماء الذي قد استعمله في غسله وإزالة حدثه طاهرا بالاتفاق والاجماع الذي أشرنا إليه " انتهى.
وهو صريح فيما حكيناه عنه، نعم لا صراحة فيه في ثبوت ما ذكره من حكمية النجاسة في ملاقي الميت يابسا وإن كان ظاهره ذلك، لكنه لا يخفى عليك أنه قد اشتمل على غرائب دعوى ودليلا، خصوصا ما ذكره أخيرا، إذ لا بحث في طهارة ماء غسله بالضم بعد تطهيره من النجاسة الحاصلة بالملاقاة.
بل وما ذكره أيضا أولا، إذ ليس الحكم بنجاسة المائع الملاقي للإناء للقياس على الإناء بل لما ذكره المصنف في المعتبر في الرد عليه، ولقد أجاد من أنه لما اجتمع الأصحاب على نجاسة اليد الملاقية للميت، وأجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة لزم من مجموع القولين نجاسة ذلك المائع لا للقياس.
كما أنه أجاد في رده عليه فيه بالنسبة إلى باقي ما ادعاه أيضا، ومن هنا رماه بالضعف تارة، وبالخبط أخرى، إلا أنه قال بعد ذلك: اللهم إلا أن يريد أن الميت ليس بنجس، وإنما يجب الغسل تعبدا كما هو مذهب الشافعي.
قلت: مع أن كلامه صريح في خلافه قد عرفت فيما مضى حكاية الاجماع من غير واحد، بل وتحصيله على النجاسة، ولقد أطنب المصنف في مناقشته والازراء عليه بما لا يسع المقام ذكره مفصلا، بل ولا يحتاج بعد وضوح فساد الدعوى، ولعل صدور مثل ذلك من الحلي كصدور نظيره من العلامة في خصوص المباشر اليابس، وما سمعته سابقا من الخلاف في النجاسة وعدمها في حال الحرارة.