كما أنه يستظهر أيضا مما تقدم من المعتبرة (1) الدالة على عدم الإعادة مطلقا، خصوصا المشتمل منها على عدم إعادة الجنب، إذ هي وإن كانت ظاهرة في فاقد الماء ثم أصابه لا ما نحن فيه، لكن مع إمكان دعوى المساواة بينهما تنزيلا للمنع الشرعي منزلة المنع العقلي، سيما بعد عدم حرمة الجماع عليه كما ذكرناه سابقا قد اشتمل بعضها على التعليل الشامل له، كصحيح ابن مسلم (2) " سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء فقال: لا يعيد، إن رب الماء رب الصعيد، فقد فعل أحد الطهورين " ونحوه غيره (3) في ذلك، خصوصا مع اعتضاده بالأصل، وظهور الأدلة في اتحاد الصلاة المأمور بها وإن اختلفت طهارتها مائية أو ترابية، واحتياج القضاء إلى أمر جديد وليس، بل والإعادة هنا أيضا، إذ هو مكلف حينئذ بصلاتين، وبما تقدم سابقا من إطلاق بعض ما حكي من الاجماع على عدم الإعادة على من صلى بالتيمم الصحيح، خصوصا بالنسبة للقضاء، وبالشهرة بين متأخري الأصحاب، بل ولعل غيرهم كذلك، إذ لم ينقل إلا عمن عرفت، مع عدم صراحة الأولين في المحكي عنهما، ولم يحضرني الباقي، وليس النقل كالعيان، وغير ذلك - أنه لا صراحة بل ولا ظهور في الخبرين في المتعمد، بل قد يظهر منه المحتلم مثلا، مع إرسال الأول، وعدم صراحة الجملة الخبرية بالوجوب، فحمله على الندب متعين، أو التقية لكونه مذهب أبي يوسف ومحمد والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد أو غير ذلك.
وقد مر في السبب الثالث من مسوغات التيمم ما له نفع في المقام، خصوصا ما يتعلق بحل تعمد الجنابة لمثله حتى بعد الوقت، إلا في خصوص ما لو كان متمكنا من الوضوء، ففي المنتهى تحريمه لوجوب الطهارة المائية عليه حينئذ كما تقدم ذلك كله مفصلا.